responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 400

لأنه يعدم بعض كمالاته، فإنه لو لم يكن معدما لشي‌ء أصلا لا لوجوده و لا لكمال وجوده فليس بشر لذلك الشي‌ء للعلم الضروري بأن كل ما لا يوجب عدم شي‌ء و لا عدم كمال له فلا يكون شرا لذلك الشي‌ء فإذا كان كونه شرا لكونه معدما لشي‌ء أو لبعض كمالاته فليس الشرّ إلا عدم ذلك الشي‌ء أو عدم كماله لا نفس الأمر الوجودي المعدوم، بل هو في ذاته من الكمالات النفسانية أو الجسمانية، كالظلم فإنه و إن كان شرّا بالقياس إلى المظلوم و إلى النفس الناطقة التي كمالها في تسخير قواها و كسرها لكنها خير بالقياس إلى القوة الغضبية التي كمالها في الانتقام. و كذا الإحراق كمال للنار و شرّيّته بالنسبة إلى من تقعد به سلامته فعلم إن الشر أما عدم ذات أو عدم كمال لذات، فالوجود من حيث إنه وجود خير محض. و العدم من حيث إنه عدم شر محض فقد ظهرت بما ذكرناه صحة دعوى ما اشتهر أن الحكماء ما صححوها بالقياس، بل اكتفوا فيها تارة بمجرد استقراء غير تام و التجئوا تارة أخرى إلى إنها ضرورية، و ما ذكروه من الأمثلة لإيضاح ما ربما اشتبه على بعض الأذهان.

ثم إنك قد علمت إن الشر الذي هو بمعنى العدم منه ما هو من لوازم المهيات التي لا علة لها و منه ما لا يكون من هذا القبيل، بل قد يلحق المهيات لا من ذاتها، فلا محالة لا بد له من علة. و سبب فكلامنا ليس في الشق الأول الذي لا لمية له، إذ من المعلوم إنه ليس للماهيات في كونها ممكنة و لا في حاجتها إلى علة لوجودها سبب و لا لقصور الممكن عن الواجب بذاته و لا لتفاوت مراتب هذا النقصان في المهيات علة، بل إنما ذلك لاختلاف المهيات في حدود ذواتها لا لأمر خارج عنها، كيف و لو كان النقص في جميعها متشابها لكانت المهيات ماهية واحدة؟ بل الكلام فيما هو من القسم الآخر، و هو عدم ما هو من الأمور الزائدة على مقتضى النوع كالجهل بالفلسفة مثلا للإنسان. فإن ذلك ليس شرا له لأجل كونه إنسانا، بل هو شر لأجل إنه فقد لما اقتضاه شخص مستعد له مشتاق إليه لا من حيث إنه إنسان بل من حيث إنه وجد فيه هذا الاستحقاق و الاشتياق الذي لا صلاح في أن يعم. و هذا الشر إما [إنما] يوجد في الأشياء على سبيل الندرة و الشذوذ فكل ما وجد فهو إما خير محض بالمعنى الثاني أو خيره أكثر من شره، و أما ما يكون شرا محضا أو مستولى الشرية أو متساوي الطرفين.

فما لا وجود له أصلا حتى احتيج فيه إلى منشأ و مبدأ آخر سوى واجب الوجود بالذات الذي هو خير محض لا يوجد منه شرا أصلا كما توهمته كفرة المجوس. و كل‌

اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست