اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 337
على ما صورناه، و أما فاعليّته له فلا يتصور بوجه من الوجوه.
فإن قلت: تلك الملاحظة أيضا نحو من أنحاء وجود الماهية في نفس الأمر،
فكيف تتصف الماهية في هذا النحو من الملاحظة بهذا النحو من الوجود أو بالمطلق
الشامل له مع مراعاة قاعدة الفرعية في الاتصاف.
قلنا: هذه الملاحظة لها اعتباران:
أحدهمااعتبار تخلية
الماهية و تجريدها عن جميع أنحاء الوجود حتى عن هذا النحو.
و ثانيهما:اعتبار كونها
نحوا من أنحاء الوجود، فالماهية بأحد الاعتبارين موصوفة بالوجود و بالآخر مخلوطة
به غير متصفة. هذا غاية ما يفهم من عباراتهم في هذا الموضع. و لبعض الفقراء بفضل
اللّه و رحمته مندوحة عن هذا التجشم حيث حقق و قرر في كتبه إن لوجودات الممكنات
مراتب متفاوتة بحسب التقدم و التأخر و الكمال و النقصان و وجود كل ماهية عين تلك
الماهية بمعنى إن الموجود هو الوجود و الماهية متحدة معه نحوا من الاتحاد و جميع
الموجودات ظلال و إشراقات الموجود الواجب القائم بذاته و لا وجود للماهيات أصلا و
لا تأثيرا و لا تأثر فيها بل إنها اعتبارات كلية يعتبرها العقل و يتصف بها
الوجودات. فلكل مرتبة من الوجودات نعوت كلية حديّة أو رسمية مسماة بالماهيات و
العوارض بلا وصول رائحة من الوجود إليها و لا تعلق الجعل بها كما عليه أكابر
الصوفية و الموحدون. و بيانه مما يحتاج إلى مجال أوسع من هذا الموضع و قد أقام
البرهان عليه في بعض كتبه.
بل نقول: على الطريقة الرسمية أيضا لا يحتاج إلى ما تجشموه حيث تقرر
أن الوجود في الممكن نفس ثبوت الماهية لا ثبوت شيء للماهية، فليس هناك ثبوت شيء
لشيء حتى تجري فيه قاعدة الفرعية، نص عليه الشيخ في «التعليقات» حيث قال:
فالوجود الذاتي في الجسم هو موجودية الجسم لا كحال البياض، و الجسم
في كونه أبيض لأن الأبيض لا يكفي فيه البياض و الجسم، انتهى.
و قد انحرف كثير من الناظرين في هذه العبارة و أمثالها من كلام الشيخ
و غيره حيث حملوها على اعتبارية الوجود و كونه أمرا مصدريا لا تحقق له في الخارج
مع أنهم يعلمون إن حقيقة كل شيء هي نحو وجوده الخاص به، و كان إطلاق لفظ الاتصاف
على الارتباط الذي يكون بين الماهية و الوجود من باب التوسع و الاشتراك،
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 337