اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 272
الوجود أو في عارضه الذي هو الوجوب أو في معروضه الذي هو الماهية. و
لا يخفى عليك أيضا أن تقدم الفاعل التام على معلوله تقدم بالماهية عند الإشراقيين
القائلين بالجعل البسيط الذين جعلوا التأثير و التأثر في أصل الماهية، و يتفرع على
ذلك كون الجوهر مختلف الصدق مقولا بالتشكيك على أفراده إذا كان الجواهر بعضها علة
لبعض، و هم قد التزموا ذلك و قالوا جواهر العالم الأدنى ظلال الجواهر العالم
الأعلى.
و أما عند أصحاب المعلم الأول، فتقدم العقل على الهيولى مثلا و كذا
تقدم الهيولى و الصورة على الجسم إلا بحسب الوجود لا بحسب الماهية، و ليس عندهم
حمل الجوهر على العقل متقدما على حمله على الهيولى، و إن كان وجود العقل متقدما
على وجود الهيولى و لا الهيولى في أنها هيولى مفتقرة إلى العقل بل يفتقر إليه في
وجودها و كذا حال الجسم بالنسبة إلى جزئيه.
أقول: و مما يستغرب أن جماعة من المتأخرين لم يجوزوا التفاوت في
ذاتيات الأشياء و ماهياتها بوجه من الوجوه و مع ذلك أنهم ذهبوا إلى أن الوجود أمر
عقلي لا تحقق له في الخارج، فاختاروا في الأول رأي المشّائين من أصحاب المعلم
الأول، و في الثاني رأي القدماء و الفارسين، فإذا كانت العلة و المعلول كلاهما
جوهرتين يلزمهم الاعتراف بأن جوهر العلة في باب الجوهرية أقدم من جوهر المعلول مع
قطع النظر عن الوجود إذ لا تأثير في الوجود عندهم على ما اختاروا و هم يتحاشون عن
ذلك و هذا عجيب منهم. و أما
المتأخر فيقال على ما يقابل المتقدمفي
معانيه فيكون أقسامه كأقسامه و كذا المعية لكن في المعية [قسم آخر و هو المعية] في
الوجود مطلقا كمعية شيئين ليس بينهما علاقة ذاتية و لا يكونان زمانين حتى تكون
المعية زمانية سواء كان أحدهما زمانيا و هو المسمى بالدهر أو لا يكون. و هو المسمى
بالسرمد، بل المعية بين الزمانيات إذا اعتبرت جواهر ذواتها مع قطع النظر عن
تغيراتها الزمانية معية غير زمانية، و قد وقع في كلام الأوائل نسبة الثابت إلى
الثابت سرمد، و نسبة الثابت إلى المتغير دهر، و نسبة المتغير إلى المتغير زمان.
و اعترض عليهم الإمام الرازي قائلا في كتاب «المحصّل»: إن هذا التهويل خال عن التحصيل، لأن
المفهوم من كان و يكون لو كان أمرا موجودا في الأعيان لكان إما أن يكون قار الذات،
فيلزم أن لا يوجد في المتغيرات و إن كان غير قار الذات استحال
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 272