اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 131
المحبوسين في مطمورة الزمان المسجونين عن سجن المكان لكنها في الواقع
موجودة بوجود واحد شخصي و بالنظر إلى المبادي العالية على الزمان و المكان و ما هو
أعلى منها مجتمعة التحقق متوافقة الحضور إذ لا فقد و لا غيبة هناك إلا للأمور
المستحيلة بل كل ما يكون وجوده تدريجيا بالقياس إلى زماني فهو دفعي بالقياس إلى
المراتب الرفيعة، و كذلك كل ما هو غائب عن مكاني فهو حاضر عندهم، فالتجدد و التصرم
و الحضور و الغيبة إنما يتحقق في الزماني و المكاني بالنسبة إلى زماني آخر و مكاني
آخر. و أما بالنسبة إلى القدوس الحق و ضرب من ملائكته فلا يتصور شيء منها بوجه من
الوجوه فإذا كان الزمان في الواقع و بالقياس إلى المفارقات و الحق الأول وجودا
متصلا قارا فلا مجال لمنع جريان تلك البراهين.
و لقائل أن يقول: لما كان المتناهي و النهاية من باب المضاف و
المتضايفان متى كان أحدهما بالفعل كان الآخر بالفعل و إن كان بالقوة كان بالقوة،
فنقول: إن كان للزمان نهاية في الوجود كان نهايته لا محالة فلا يخلو إما أن يكون
وجودا لآن مع الزمان مقارنا له فيكون للزمان معية و مقارنة في الوجود مع الآن و هو
باطل لأن الزمان منقسم و الآن غير منقسم فكيف يكون بينهما مطابقة، و أما أن يكون
وجوده مقدما على وجود الزمان فيكون الآن بالفعل حيث يكون الزمان بالقوة مع أنهما
متضايفان و المتضايفان لا يكون أحدهما بالفعل و الآخر بالقوة و هذه الشبهة قد سنحت
لي في سالف أيام التحصيل و قد عرضتها على أستاذي أدام اللّه علوّه و مجده، فأفاد:
أن الزمان على تقدير التناهي لا يلزم أن يكون له طرف بالفعل فإن التناهي قد يطلق
بمعنى قطع الامتداد في جهة تماديه و قد يطلق على تناهي العدد العارض للمقدار بسبب
تجزيته بأجزاء متساوية و قد يفارق المعنى الثاني المعنى الأول كما في محيط الدائرة
فليكن الزمان أيضا من هذا القبيل، هذا و أقول: فيمكن الجواب عنها بوجوه أخر:
الأول:أنها منقوضة
بالحركة الحادثة فإن بدايتها إن كانت موجودة فلا يخلو إما أن تكون التي هي بدايتها
موجودة معها و هو محال لامتناع المطابقة بين بداية الحركة و بينها، و إن لم يكن
موجودة كان أحد المضافين بالفعل و الآخر بالقوة فيلزم أن لا يكون شيء من الحركات
متناهيا و هذا خلف.
الثاني:أن المضاف قد
يكون بسيطا حقيقيا لا يكون له معنى غير نفس الإضافة
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 131