فلا يجوز للمفسر ان يقول: ان هذه كلها مجازات و مستعارات، بل يجب
عليه ان يحملها على الحقيقة و يحيل علمها الى اللّه تعالى و يعول عليها و لا
يتجاوزها الا بنص صريح من الشارع او من ينتمي إليه او المكاشفة التامة، او وارد
قلبي لا يمكن رده، و لا تكذيبه سيما اذا كان موزونا بميزان الشريعة من الكتاب و
السنة، كما تقرر عند العرفاء في تصحيح الخواطر وردها و الا [3] فسيغلب [فسيلعب]
به الشكوك، كما لعبت باقوام تراهم او ترى آثارهم و اطوارهم من هذه القرون او من
القرون الخالية و شر القرون و الدهور، ما طوى فيه بساط المجاهدة و المكاشفة و
اندرس فيه عمارة القلوب بالمعارف الالهية و انحسم باب الذوق و المشاهدة [و انسد]
طريق السلوك الى الملكوت الأعلى، باقدام العبوديّة و المعرفة و دفع لاقتصار من
العلوم الحقيقية على حكايات خالية و اقوال واهية و ابحاث مظلمة، مضلّة و عن جادة
الحقيقة مزلة، مزلقة؛ فان ذلك يوجب اليأس من روح اللّه و الأمن من مكره و
الاستحقاق لسخطه و مقته و الاحتجاب عن ملكوته و قربه و الحرمان عن الوصول إليه و
الاحتراق بنيران الطبيعة و البعد عنه و الصمم و العمى عن استماع آيات اللّه و
مشاهدة الأنوار التي يكاشفها و يشاهدها المجردون عن الوساوس و الأغراض النفسانية،
المتعرضون لنفحات في ايام دهرهم، المنتظرون لأمره و نزول رحمته على سرهم و ورود
سكينته على صدورهم و فيضان نوره على قلوبهم، فهم في الحقيقة عباد الرحمن الواقفون
على اسرار القرآن و آيات الفرقان المكتوبة بقلم التقديس، على صحايف قلوب المقربين
و كتاب العليين دون غيرهم، سواء كانوا من الظاهريين المتشرعين او من المدققين
المناظرين؛ فكلاهما لمعزل [4] عن فهم كلام اللّه