و في النفى «لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ»[3] «وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً»[4]و من جرب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتى.
و قال ابن ابى الحديد البغدادى- و هو من أعاظم المعتزلة المتفلسفة-:
فيك اغلوطة الفكر حار امري و انقضى عمري سافرت فيك العقول فما ربحت الا أذى السفر،
زعموا انك المعروف بالنظر كذبوا ان الذي ذكروا خارج عن قوة البشر.
و كان يقول [5] المولوي الذي سمي كتابه كشف الأسرار: «أموتو لم اعرف شيئا الا ان الممكن مفتقر الى مرجح». ثم قال: «الافتقارامر سلبى اموت و لم اعرف».
اقول: ان هذه الآفة العظيمة و الداهية الشديدة، إنما لحقت عقول هؤلاء
المتفكرين لاعتمادهم طول العمر على طريقة البحث و الجدل، و عدم مراجعتهم الى طريقة
اهل الحق و هي التأمل في كتاب اللّه و سنة نبيه صلّى اللّه عليه و آله بقلب صاف عن
نقوش الافكار المبتدعة، فارغ عن الوساوس العادية و النواميس العامية و عن محبة غير
اللّه من حب الجاه و الشهرة و التقرب الى السلاطين بوسيلة الوعظ و التدريس و عن
العيوب و الرزايل النفسانية، كمحبة الجاه و ما يلزمها من صرف وجوه الناس إليهم و
الاستطالة على الخلق و التوفق فى المفاتيح و التفوق ... على الاقران و الاقبال الى
الدنيا بكلية القلب و الاخلاد الى الارض و التبسط في البلاد، الى غير ذلك من نتائج
الهوى و العدول عن طريق الهدى و المحجّة البيضاء.
اذ مع هذه الشوائب و الأعراض المكدرة أنّى يتيسر للإنسان، الإخلاص و
متى ينهز له الفرصة بطلب الحق و الآخرة و الفراغ للذكر الحقيقي و الا فالطريق الى
اللّه