اسم الکتاب : سه رسائل فلسفى المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 260
ذلك و إن كان منافيا للقواعد العقلية عند غيرهم زعما منهم ان الذي لا
يكون في مكان وجهة؛ ممتنع الوجود و ان الموجود منحصر فى ما يناله الحواس و يدرك
بالالماس.
و ان الذي وصف عند الحكماء بأنه لا يشار إليه و ليس بداخل في العالم
و لا بخارج و لا متصل و لا منفصل و لا قريب و لا بعيد و لا فوق و لا تحت و لا
متناه و لا، لامتناه؛ ليس الا من صفات العدميات و سمات الفرضيات الذهنية الصرفة.
فان كل موجود موصوف بتلك الصفات او بمقابلاتها و لا يمكن ارتفاع
المتقابلين عن موجود و اثبات اخس صفات الشيء، بل علامات للا شيء لواجب الوجود
الحى القيوم بانه مدح و ثناء او صفة كمال، يتعجب منه كل عاقل لبيب و لم يعلموا أنّ
هذه الامور في الحقيقة سلوب لاوصاف النقايص، لا أنها اوصاف كمالية للذات الاحدية و
له تعالى صفات حقيقية كماليّة، سوى هذه السلوب إنما مجده و علوه و بهائه بذاته لا
بهذه السلوب، لكن سلب النقايص مما يلزم الذات الكاملة بحسب الصفات الوجوديّة
الكمالية، كما ان سلب الجمادية يلزم الانسان بواسطة كونه ناميا و سلب الشجرية
بواسطة كونه حيوانا و سلب الاعجمية لأجل كونه ناطقا.
و الواجب جل مجده يلزمه سلب جميع النقايص، لاجل كونه في غاية الكمال
من غير تركيب في ذاته و لا في صفاته.
و ثانيها نهج ارباب النظر الدقيق و اصحاب الفكر العميق و هو تأويل
هذه الالفاظ و صرفها عن مفهومها الاول الى معان يوافق عقولهم يطابق قوانينهم
النظريّة و مقدماتهم الفكرية، التزاما لتلك القوانين و تحفظا على تنزيه رب
العالمين عن نقائص الامكان و سمات الحدثان و مثالب الاكوان و الجسمان.
و ثالثها الجمع بين القسمين و الخلط بين المذهبين، مذهب التشبيه و
التنزيل في بعض الآيات و الاخبار و مذهب التنزيه و التأويل في البعض الآخر منها.
فكل ما ورد فى باب المبدأ، ذهبوا فيه الى مذهب التأويل، و كل ما ورد
في باب المعاد، جروا فيه على قاعدة التشبيه من غير تأويل.
اسم الکتاب : سه رسائل فلسفى المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 260