اسم الکتاب : سه رسائل فلسفى المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 211
الى الجاعل. و الواجب بالذات ليس شيئا من هذين، فلا يكون حقيقته
معقولا لشيء غيره، بل له التسلّط و القهر على الممكنات باشراق نور الوجود عليها*.
فبقدر ما يحصل لكل احد من اشراق نوره و لمعة وجوده يعرفه و بالجملة حصول الشيء
لعلّته الفياضة، حصول تامّ يوجب العلم التام.
و اما حصول العلّة المفيضة للمعلول المفاض عليه، فليس الا حصولا
ضعيفا بتوسّط ما يفاض منها و يرشح عنها عليه.
فلكل ممكن من الممكنات ان ينال ذات الحق المجرد عن الأحياز و الجهات
على قدر ما يحصل له من تجلّي ذاته المقدسة بقدر وعائه الوجودي و يفقد عنه، و يحرم
عليه بقدر ضعفه و قصوره و ضيقه عن الإحاطة، لبعده عن منبع الوجود من قبل مقارنته
الأعدام و القوى و المواد لا لمنع و بخل من قبله تعالى.
فانّه لشدة نوره النافذ و عدم تناهي جوده و رحمته، اقرب [إلى] كل
احد كما اشار إليه بقوله: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»[1]و قوله: «وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ»[2].
عقدة و حلّ
لك ان تقول: اذا جوّزت كون ذاته تعالى معلوما بحضور إشراقى لكل احد
بقدر ما يفاض عليه. و لا شكّ ان المشهود بالشّهود الوجودي، ليس حينئذ الا نفس
حقيقته البسيطة لا وجها من وجوهه. فكيف لا يكون معلوما بالكنه و المشهود ليس الا
هويّته البسيطة لا غير.
فاعلم ان المعلوم من الحق لكل احد و ان كان نفس ذاته الحقّة، الا ان
المشاعر و المدارك، قاصرة عن البلوغ الى كنه ذاته و الوصول الى حرم كبريائه، بل
انّما ينالونه و يشاهدون له بقدر احداق مداركهم الضعيفة.