اسم الکتاب : سه رسائل فلسفى المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 186
ثم ميز الخاصّة من اهله من بين سكان عالم الملك و الملكوت بانّه لم
يخلق لهم غاية سوى ذاته من جميع عوالمه و منصّات اسمائه و صفاته و طبقات حضراته و
جنّاته، بل جعل غاية وجودهم و منتها مقصودهم متعلّقات علم اللّه الأزلي و دواعي
مشيّته بحسب اقتضائه الذاتى و قضائه الحتمىّ الأوّلي و ما يريد سبحانه من تجلّيات
ذاته في طبقات افعاله و شئونات [1] أسمائه و صفاته في ملائكته و كتبه و رسله و
اليوم الآخر عند بروز نوره القاهر.
فهو سبحانه حقيقة علمهم اليقيني و عينه و حقّه عند فناء ذواتهم عن
ذواتهم و استهلاك كثرتهم تحت سلطان وحدته بلا مزاحمة هويّاتهم.
و صلى اللّه على المتحقّق بالشّهود الأكمل الأتم و العلم الأشرف*
الأشمل الأعم، من أكرم قبائل بنى آدم مع ادامة الاستغراق و الحضور معه في جميع
افعاله و اطواره و مراتب تجلّياته و انواره، سيدنا محمّد النبي الأمىّ مع المصطفين
الأبرار من أهل بيته و أولاده الأمجاد الأطهار الفائزين بميراثه الأوفى و الحائزين
علومه و مقاماته القصوى، صلاة مستمرّة الأحكام باقية مدى الليالي و الأيام و قصيا
الشّهور و الأعوام.
و بعد فهذه «مسائلقدسيّة و قواعد ملكوتية» ليست من الفلسفة الجمهوريّة و لا من
الأبحاث الكلامية الجدلية و لا التقليدات العاميّة و لا المكابرات السوفسطائية، بل
انما هي من الواردات الكشفيّة على قلب أقل العباد [2]، عند انقطاعه عن الحواس و
الموادّ و انسلاخ نفسه عن البدن العنصري، المؤلّف من الأضداد و ترقّيه من مراتب
العقول و النّفوس الى أقصى الغايات، مسافرا من المحسوسات الى الموهومات و منها الى
المعقولات حتى اتّحد بالعقل الفعال، اتحادا عقليّا فعليّا بعد تكرّر الاتصالات و
تعدد المشاهدات عند انتقاش النفس بصور المعلومات انتقاشا كشفيّا نوريّا.
قد أوردت [3] تلك المسائل و فرقها في كتب عديدة و رسائل، بحيث
يصعب