ومنهم من قال : إن ذلك على سبيل التذكّر [١] لها ، فكأنّها عرض لها عنده أن نسيت.
ومن الفرقة الأولى [٢] من قال : إن النفس ليست واحدة ، بل عدة ، وأن النفس التى فى بدن واحد هى مجموع نفوس : نفس حساسة دراكة ، ونفس غضبية ، ونفس شهوانية. فمن هؤلاء من جعل النفس الشهوانية هى النفس الغذائية ، وجعل موضوعها القلب ، وجعل له شهوة الغذاء والتوليد جميعا.
ومنهم من جعل التوليد لقوة من هذا الجزء من أجزاء النفس فائضة إلى الانثيين فى الذكر والأنثى.
ومنهم من جعل النفس ذاتا واحدة ، وتفيض عنها هذه القوى ، تختص كل قوة بفعل ، وأنها إنما تفعل ما تفعله من الأمور المذكورة بتوسط هذه القوى [٣].
فمن قال : إن النفس واحدة فعالة بذاتها احتج بما سيحتج به أصحاب المذهب الأخير مما نذكره.
ثم قال [٤] : فإذا كانت واحدة غير جسم استحال أن تنقسم فى الآلات وتتكثر ، فإنها حينئذ تصير صورة مادية ، وقد ثبت عندهم أنها جوهر مفارق بقياسات لا حاجة لنا إلى تعدادها هاهنا ، قالوا فهى بنفسها تفعل ما
[١] اى التذكر للمدركات ، ولعل الفرق بين التنبّه والتذكر بعروض الغفلة فى الاول والنسيان فى الثانى. [٢] أى القائلون بان النفس تعلم كل شىء بحسب ذاتها. [٣] وهذا مختار الشيخ. [٤] فى تعليقة نسخة : أى من قال إنّ النفس واحدة فعالة بذاتها.