يتفقون فى إدراك ما يحسون ويتخيلون من حيث يحسون ويتخيلون ، لكن يختلفون فيما يشتاقون إليه مما يحسون ويتخيلون. والإنسان الواحد قد يختلف حاله فى ذلك ، فإنه يتخيل الطعام فيشتاقه فى وقت الجوع ولا يشتاقه فى وقت الشبع.
وأيضا فإن الحسن الأخلاق إذا تخيل اللذات المستكرهة لم يشتقها ، والآخر يشتاقها. وليس هذان الحالان [١] للإنسان وحده ، بل وللحيوانات كلها.
والشوق قد يختلف : فمنه ما يكون ضعيفا بعد. ومنه ما يشتد حتى يوجب الإجماع. والإجماع ليس هو الشوق فقد يشتد الشوق إلى الشىء فلا يجمع على الحركة ألبتة ، كما أن التخيل يقوىّ فلا يشتاق إلى ما يتخيل ، فإذا صحّ الإجماع أطاعت القوى المحركة التى ليس لها إلا تشنّج العضل وإرسالها. وليس هذا نفس الشوق ولا الإجماع ، فإن الممنوع من الحركة لا يكون ممنوعا من شدة الشوق ومن الإجماع ، لكنه لا يجد طاعة من القوى الأخرى التى لها أن تحرك فقط ، وهى التى فى العضل.
وهذه القوة الشوقية من شعبها القوة الغضبية والقوة الشهوانية. فالتى تنبعث مشتاقة إلى اللذيذ والمتخيل نافعا لتجلبه هى الشهوانية ، والتى تنبعث مشتاقة إلى الغلبة وإلى المتخيل منافيا لتدفعه فهى الغضبية.
وقد نجد فى الحيوانات انبعاثات لا إلى شهواتها ، بل مثل نزاع [٢] التى ولدت إلى ولدها والذى ألف الى إلفه ، وكذلك اشتياقها إلى الانفلات من الأقفاص والقيود ، فهذا وإن لم يكن شهوة للقوة الشهوانية فإنه اشتياق
[١] فى تعليقة نسخة : اى الادراك والشوق. او الشوق وعدم الشوق. [٢] النزاع بمعنى الشوق.