الحواس فتخزنه. وقد تخزن القوة أيضا أشياء ليست من المأخوذات عن الحس ، فإنّ القوة المفكرة قد تتصرف على الصور التى فى القوة المصوّرة بالتركيب والتحليل لأنها موضوعات لها ، فإذا ركّبت صورة منها أو فصّلتها أمكن أن تستحفظها فيها ، لأنها ليست خزانة لهذه الصورة من جهة ما هذه الصورة منسوبة إلى شىء وواردة من داخل أو خارج ، بل إنما هى خزانة لها لأنها هذه الصورة بهذا النحو من التجريد ، ولو [١] كانت هذه الصورة على نحو ما فيها من التركيب والتفصيل ترد من خارج لكانت هذه القوة تستثبتها. فكذلك إذا لاحت لهذه القوة من سبب آخر.
وإذا عرض بسبب [٢] من الأسباب إما من التخيل والفكر وإما لشىء من التشكلات السماوية أن تمثلت [٣] صورة فى المصورة وكان الذهن غائبا أو ساكنا عن اعتباره ، أمكن أن يرتسم ذلك فى الحس المشترك نفسه بعينه الى تبيانه [٤] فيسمع ويرى ألوانا وأصواتا ليس لها وجود من خارج ولا أسبابها من خارج. وأكثر ما يعرض هذا عند سكون القوى العقلية أو غفول الوهم ، وعند اشتغال النفس النطقية عن مراعاة الخيال والوهم. فهناك تقوى المصورة والمتخيلة على أفعالها الخاصة حتى يتمثل مما تورده من الصور محسوسة.
ولنزد هذا بيانا فنقول : إنه سنبيّن بعد أن هذه القوى كلها لنفس واحدة وأنها خوادم للنفس ، فلنسلّم ذلك وضعا ، ولنعلم أن اشتغال النفس
[١] فلو كانت ، نسخة. [٢] لسبب ، نسخة. [٣] فاعل عرض. [٤] على هيئاته ، نسخة.