وحرّى بنا الآن أن نتكلم فى الإبصار ، والكلام فيه يقتضى الكلام فى الضوء وفى المشف وفى اللون وفى كيفية الاتصال الواقع بين الحاس والمحسوس البصرى ، فلنتكلم أولا على الضوء فنقول :
إنه يقال ضوء ويقال نور ويقال شعاع ، ويشبه أن لا يكون بينها فى وضع اللغة كثير تفاوت ، لكنا نحتاج فى استعمالنا إياها أن نفرّق بينها لأن هاهنا معانى ثلاثة متقاربة :
أحدها الكيفية التى يدركها البصر فى الشمس والنار من غير أن يقال إنه سواد أو بياض أو حمرة أو شىء من هذه الألوان.
والثانى الأمر الذى يسطع من هذا الشىء فيتخيل أنه يقع على الأجسام فيظهر بياض وسواد وخضرة ، والآخر الذى يتخيل على الأجسام كأنه يترقرق [١] وكأنه يستر لونها وكأنه شىء يفيض [٢] منها ، فإن كان فى جسم قد استفاد ذلك من جسم آخر سمى بريقا كما يحس فى
[١] كأنه يترفرف وكأنه يستر ، كما فى غير واحدة من النسخ. ( ترقرق : درخشيدن ). [٢] يفيض اى يسيل.