اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 299
الآن الذي فيه أول وجود الميل الثاني، فليس هو الآن الذي فيه آخر
وجود الميل الأول، إذ هو آخر وجود الميل الأول[1]الذي بينا أنه[2]يكون
فيه موجودا عند ما يكون موصلا. فإن كان يوجد موصلا زمانا، فقد صح السكون و إن كان
لا يوجد موصلا إلا آنا، فليس ذلك الآن آخر، إلا أن[3]يكون ما هو له آخر موجودا فيه، إذ ما هو له آخر هو موصل، و الموصل لا
يكون موصا و هو غير حاصل، و إنما لم يكن الآنان[4]واحدا، لأن لشيء لا يكون فى طبيعته[5]ما يوجب الحصول و ما يوجب اللاحصول معا، فتكون طباعه تقتضى أن يكون
فيه اقتضاء بالفعل و أن لا يكون[6]اقتضاء
بالفعل. فإذن آن آخر[7]الميل الأول غير آن أول[8]الميل[9]الثاني.
و لا تصغ إلى من يقول إن الميلين يجتمعان، فكيف يمكن أن يكون شيء
فيه بالفعل مدافعة جهة أو لزومها، و فيه بالفعل التنحى عنها، فلا يظن أن الحجر
المرمى إلى فوق فيه ميل إلى أسفل البتة، بل مبدأ من شأنه أن يحدث ذلك الميل إذا
زال العائق[10]، و قد يغلب كما أن فى الماء
قوة و مبدأ يحدث البرد فى جوهر الماء إذا زال عائق[11]، و قد[12]يغلب كما[13]تعلم.
فقد بان أن الآنين متباينان، و بين كل آنين زمان، و الأشبه أن يكون
الموصل يبقى موصلا زمانا، لكننا[14]أخذناه
موصلا آنا ليكون أقرب من الموجب لعدم السكون[15]، فقد انحلت الشبه، و تول
أنت بنفسك بناء حجج العلم الأول على هذا الأصل.