اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 204
أظهر، فكيف تنسب إليها أجزاء حركة بالفعل. و أما فى سائر الحركات فإن
كان لها أجزاء بالفعل صح أن يقال إن جزء التغير[1]تغير الجزء، و إن كان لها أجزاء بالقوة فللحركة أيضا أجزاء بالقوة لو
فصلت لكان بإزاء كل جزء من المتغير تغير يخصه[2]هو جزء تغير الكل، فإن[3]من
هذا التغير الذي فى هذا الجزء و من[4]ذلك
التغير[5]الذي فى ذلك الجزء ما يحصل[6]مجموع تغير الكل، إذ تلك الجملة المجتمعة جملة تغير، و جملة التغير
تغير، و كل تغير فهو لشيء، و لا شيء يحمل هذه[7]التغيرات[8]إلا
الكل و الأجزاء، و ليس لجزء جزء[9]، فهو للكل[10]. و لما كان كل حركة[11]و
كل تغير فهو فى زمان ينقسم إلى غير النهاية، فمحال أن يكون للحركة شيء هو أول ما
يحركه المتحرك، و ذلك لأنه إن كان حركة هى أول حركة، فإنها لا محالة فى مسافة، و
تلك المسافة منقسمة بالقوة. و إذا[12]قسمت[13]كان أحد جزأيها متقدما و الآخر متأخرا، فكان[14]الحركة فى الجزء الأول هو[15]أول
حركة، و قد جعل هذا أول حركة، هذا خلف، بل الأول فى الحركة و فى التغير إنما يفهم
على أحد وجوه ثلاثة:
أحدها الأول بمعنى الطرف هو الذي يوافق أول المسافة و طرفها. و أول
الزمان المطابق لتلك[16]الحركة و طرفه، فهذا أول.
و أول معنى آخر، و هو أنه إذا عرض للحركة تقسيم بالفعل أو بالفرض كان
الجزء المتقدم أول أجزاء الحركة التي بالفعل، و قد يظن أن للحركة[17]أول على وجه آخر، و هو أنه قد قال بعضهم إن هذه الأجسام و إن كانت
تنقسم إلى ما لا نهاية له فى القوة، فليست تنقسم حافظة لصورها و هيئاتها غير هيئة
الكم، فإن الجسم يبلغ حدا لا يصح لو انقسم بعده أن يكون ماء و هواء أو نارا،
قالوا: أو متحركا أو مسافة، فإذا كان للمسافة[18]من حيث هى مسافة حد عندهم لا تتعداه فى الصغر، كان للحركة حد هو[19]فى الوجود أصغر الحركات، فلا توجد حركة مفردة أصغر منه، و إن كان قد
يجوز أن يتوهم ما هو أصغر من ذلك و هو نصفها[20]أو جزء منها[21]، إذ كان ذلك يتجزأ فى نفسه
بالقوة، لكن ذلك التجزؤ لا يخرج إلى الفعل بتة خروجا على معنى الأفراد و الفصل، و
سنتكلم فى هذا بعد، فإن كان كذلك فالمتحرك يكون له فى حركته أول حركة[22]و ذلك فى القوة[23]، و هو ما يساوى الحركة[24]التي هى أصغر[25]