اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 110
فى الحد و إن غيرنا تغييرا[1]آخر، لم يكن له مفهوم صادق أصلا، و إن أردنا أن تأتى بمقابل الكمال
كان القوة، فالتحق السكون حينئذ بالعدميات. فقد بان أنه ليس يمكن أن نقتضب من حد
الحركة حدا يطابق حد السكون، و يكون السكون مقابلا لها، و يكون السكون مع ذلك
قنية. فإن جعلنا الأصل حد السكون الذي ذكرناه، دخل فيه أول شيء الزمان، أو ما
يتعلق بالزمان. و الزمان يتحدد بالحركة فيكون[2]السكون يتحدد بالحركة، و الأضداد ليس بعضها جزء[3]رسم البعض، و يكون الزمان يدخل أيضا فى حد الحركة، لأنه داخل فيما
يدخل فى حده[4]، و الحركة قبل الزمان فى
التصور، فلا يجوز[5]أن تكون الحركة حينئذ عدما[6]، إن كان السكون قنية، لأن
العدم لا يدخل فى مفهوم القنية، بل الأمر بالعكس، فإن الحركة داخلة فى حد الزمان
الداخل فى حد السكون المذكور بالمعنى الصورى. فتبين[7]إذن أنه[8]لا
يجوز أن نقول فى هذا الاقتضاب: إن الحركة هى أن لا يكون للجسم أين واحد زمانا
فينظر هل يمكن أن يكون هذا الاقتضاب على وجه آخر فنقول: إن أحسن ما يمكن أن يقال
حينئذ هو أن السكون كون فى أين واحد وقتا، و الشيء قبله و بعده فيه، و الحركة كون
فى أين واحد، من غير أن يكون[9]قبله
أو بعده فيه. فنكون قد استعملنا فى تفهيمهما[10]القبل الزمانى و البعد الزمانى، و هما متحددان بالزمان، و الزمان
متحدد بالحركة، فيكون قد صارت الحركة مأخوذة فى مفهوم نفسها. فظاهر أن الحركة لا
تفهم من هذه الجهة فليس هذا رسما، و أضعف من هذا أن يؤخذ[11]متوسعا فيه فيقال: إن السكون كون فى أين واحد زمانا و الحركة كون[12]فى أين واحد لا فى زمان[13]. فإن
هذا[14]يلزمه ما قيل هناك، و يشركه حال المتحرك فى ابتداء الحركة و
انتهائها. فذلك كون فى مكان واحد[15]لا
زمانا، و ليس بحركة و لا سكون.
فقد تبين و اتضح أنه لا وجه لتصحيح تقابل[16]حد الحركة بحد السكون، و السكون حده المعنى القينى، فبقى أن يكون[17]السكون حده المعنى العدمى. و اعلم أن فى كل صنف من أصناف الحركة
سكونا يقابله، فللنمو سكون يقابله، و للاستحالة كذلك، و كما أن السكون المقابل
للاستحالة ليس هو الكيف الموجود زمانا، بل سكون فى الكيف؛ و كذلك[18]السكون المقابل للنقلة ليس هو الأين الواحد الموجود زمانا بل هو سكون
فى ذلك الأين،