responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 68

و لا لدخول الجنة و لا للخلاص من النار كما قال أمير المؤمنين ع و مولى الموحدين: ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك.

فإن الإنسان الذي يعبد ربه من هذه الحيثيات لا مطلقا فهو عبد حظه و أسير نفسه فلا يكون عبد الله مجردا عما سواه لذلك أضافهم الحق إلى نفسه في قوله‌ إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ‌[216] و إلى هذا المقام أشار صاحب القصيدة التائية قدس الله روحه حيث قال‌

و إن فتن العشاق بعض محاسن‌

لديك فكل منك موضع فتنتي‌[217]

 

أي إن أوقع الزاهدين و العابدين في الثلاثة بعض محاسنك فكل واحد منها موجب لإيقاع العارفين في الفتنة لأن الذين افتتنوا ببعض المحاسن دون البعض كافتتانهم بالرحمة و اللطف و مقتضائها من الجنة و النعيم و درجاتها دون القهر و الإذلال و مقتضائها من الجحيم و العذاب و دركاتها كمن آمن ببعض و كفر ببعض فهم الذين قال الله فيهم‌ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى‌ حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى‌ وَجْهِهِ‌[218] و العارفون الذين يحبون الذات هم الذين يفتنون بجميع المحاسن فكل منها بسبب الافتنان قلوبهم و هيمان أرواحهم سواء كان لطفا أو قهرا و رحمة أو عذابا إعزازا أو إذلالا لقصور نظرهم في الذات الإلهية و جميع الصفات و الأسماء و الأفعال فائزة منها صادرة عنها و كل ما يفعل المحبوب محبوب.

[مراتب الناس‌]

و اعلم أن مراتب الناس في عبادتهم بحسب خلوص النية و شئونها تابعة لدرجات معارفهم للحق فقدر مكاسبهم في الطاعة قدر مراتبهم في المعرفة بذر العبودية ثم إن الناس في إدراك المبدإ و المعاد على‌


[216] سورة الحجر: آية 42.

[217] هو عمر بن الفارض، عارف المحقق الشاعر، فقد قرات فى كتاب «الكشف الوجوه الغر لمعانى نظم الدر»، اللعلامة الفهامة المدفق، العارف الصوفى، عبد الرزاق الكاشانى، هذه البيت كما يلى: و ان فتن النساك بعض محاسن لديك فكل منك موضع اتتى و مطلع القصيدة كذا: سقتتى حميا الحب راحة مقلتى‌

 

الحميا: سورة الشراب و الحميا: الوجه‌

و كأسى محيا من عن الحسن جلت.

 

. [218] سورة الحجر 15، آية 42.

اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست