اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 54
للنفس
الإنسانية من مبدإها إلى مقطعها أنها أول ما يلد المولود بالولادة الجسمانية لا
يعرف إلا الأكل و الشرب لا غير ثم يتدرج و يظهر له باقي صفات النفس شيئا فشيئا من
القوى الشهوية و الغضبية و الحرص و الحسد و البخل و السفاهة و المكر و الحيلة و
الكبر و الظلم و غير ذلك من الصفات التي هي نتائج الاحتجاب و البعد من معدن الصفات
الكمالية فهو حيوان منتصب القامة يصدر عنه الأفاعيل المختلفة بحسب الإرادات
المختلفة فهو منغمر في الحجب الظلمانية[172]
الساترة[173]
للحق أسير في أيدي الكثرة و أسرار الشهوات نائم عن عالم الوحدة في مرقد الجهالات
ثم إذا أدركته لمعة من أنوار الرحمة و صادف من نبهه عن سنة الغفلة و نوم الجهالة و
يذكر[174]
مبدأه الذي منه بدوه و معاده الذي إليه عوده و هم الأنبياء ص ثم الأئمة و الأولياء
ع ثم العلماء بالله تعالى المشاهدون الواصلون إليه حقا وراثة عنهم ثم الظاهريون من
العلماء بظواهرها أمرهم به الأنبياء و الأولياء نيابة عنهم فالعلماء ينبهون
الأشخاص الإنسانية من سنة الغفلة و نوم الجهالة و يذكرونهم الحق و وحدته و أحوال
مبدئهم و معادهم و حقيقة جميع ما جاء به الرسل من الأحكام الشرعية و غيرها ليتنور
بواطنهم بنور الإيمان أولا ثم بأنوار المأمورات الشرعية من العبادات إذ كل منهما
يرتحضه و يرتفع به الحجب الظلمانية و الغواشي النفسانية المعبر عنها بالذنوب و
السيئات[175]
فإذا تيقظ من سنة الغفلة و تنبه على أن ما وراء هذه اللذات البهيمية لذات أخر و
فوق هذه المراتب مراتب أخر كمالية يتوب عن اشتغاله بالمنهيات الشرعية و ينسب إلى
الله بالتوجه إليه فيشرع في ترك الفضول الدنياوية طلبا للكمالات الأخراوية[176]
و يعزم عزما تاما و يتوجه إلى السلوك إلى الله من مسكن نفسه و مقام