اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 35
الأسباب[102]
و منهم من ينفيها و لذلك قال من له اطلاع على كيفية الحال إن الناس في هذه المسألة
بين حيارى و جهال فمن استشفى من هذا الداء الذي لا يخلص منه إلا المخلصون أصبح
موحدا لا ينافي توحيده رؤية الأسباب و متوكلا لا يضر توكله إثبات الماهيات فلسان
الشرائع و الآداب ناطق بأن وجود كل شر و قصور و آفة و لو باعتبار من الاعتبارات
يضاف إلى الخلق و وجود كل كمال و خير و سلامة يضاف إلى الحق تعالى كما في قوله
تعالى حكاية عن خليله على نبينا و عليه السلام وَ إِذا مَرِضْتُ
فَهُوَ يَشْفِينِ[103] فإنه عليه
صلوات الرحمن أضاف المرض إلى نفسه و الشفاء إلى ربه و كما في قول رسول الله ص: حيث
يدعو ربه الخير كله بيديك و الشر ليس إليك و في حديث آخر عنه ص: فمن وجد خيرا
فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه و ألقت قاطبة المحققين على أن
الشر المحض لا وجود له بل كل موجود من جهة وجوده خير محض و الشرية إنما ينشأ في
قليل من الموجودات باعتبار ماهياتها بلا جعل و تأثير بل المجعول و المفاض هو وجود
الأشياء و لا شرية في شيء باعتبار وجوده كما ذكرنا و إليه الإشارة في قوله تعالى ما تَرى
فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ[104] و في قوله
تعالى الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ[105] فكل ما وصل
إليك من الشرور و المنافيات فاعلم أنه من تبعات قصور ذاتك و عواقب سوء استعدادك
يداك أوكتا و فوك نفخ[106] ليس العذاب لمنتقم خارجي بل
النفوس الجاهلية الشقية التي كفرت بأنعم الله لحقتها نتائج أعمالها و أفعالها و
لزمتها لوازم حركاتها و أخلاقها الردية فهي حمالة حطب نيرانها يوم الآخرة.
فليس للحق تعالى إلا حمد إفاضة و الجود و إخراج
الأشياء من
[106] من امثال المشهورة، اصله ان رجلا كان فى
جزيرة، فارادان يعبر على زق قد نفخ فيه، فلم يحسن احكامه، فلما توسطا لبحر، خرجت
منه الريح فغرق فاستغاث برجل. فقال له: يداك او كتاوفوك نفخ. و ذهبت مثلا يضرب لمن
يخشى على نفسه الحين.
اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 35