اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 31
عَلَيْها
فانٍ[86] من غير شك و
تخمين و هذا المقام مقام الوحدة و مما يجب أن يعلم أن الماهيات و الأعيان الثابتة
و إن لم تكن موجودة برأسها بل مستهلكة في عين الجمع و هذه الاستهلاك نحو موجوديتها
لكنها بحسب اعتبار ذواتها من حيث هي و باعتبار تميزها عند تحليل العقل و تمييزه
لها عن الوجود منشأ الأحكام الكثيرة و النقائص و الذمائم و ترجع إليها الشرور و
الآفات التي هي من لوازم الماهيات فتصير[87] وقاية
الحق عن نسبة النقائص إليه لأن لوازم الماهيات أيضا غير مجعولة بل ثابتة بالمداخل
الثابت لملزوماتها فعدم اعتبار الأعيان و الماهيات أصلا منشأ للضلالة و الحيرة و
الإلحاد و الإباحة و بطلان الحكمة كما قيل لو لا اعتبارات لبطلت الحكمة إذ باعتبار
شيئية الماهيات و استناد لوازمها إليها يندفع كثير من الإشكالات كوقوع الشرور في
هذا العالم و صدور الكفر و المعاصي عن بعض العباد بسبب قصور عينه و نقص جوهره و
سوء استعداده و يلوح منها سر القدر على أن بعض المحققين من الموحدين عدوا شيئية
الأعيان من جملة شئون الحق باعتبار بطونه و علمه بصور تجلياته الذي هو عين ذاته في
مرتبة سابقة على ظهورها لكن الخوض في هذه المسألة تحير العقول الضعيفة و قل من
العلماء من لا يكون هذا السر ضراء مضرة و فتنته مضلة عليه لرسوخ علمه و قوة سلوكه
و ثبات قلبه و استقامة عقله فلا تزل قدمه عن سنن الحق و صراطه المستقيم و قد أشار
القونوي في النفحات الإلهية إلى ما ذكر بقوله و إن كانت شئونه أيضا من أحكام ذاته
الكامنة في وحدته و لكن ثمة فارق يعرفه الكمل و هاهنا بحار لا ساحل لها و لا مخلص
منها إلا لمن شاء الله و قال أيضا فيها و مطلق الظهور حكما للأشياء و مطلق الظهور
عينا للوجود[88]
و تعين الظهور الحكمي بالتميز المشهود و تعين الظهور الوجودي في كل مرتبة من
المراتب التي اشتمل عليها العلم