اسم الکتاب : إيقاظ النائمين المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 14
من نحو من أنحاء ظهور الوجود و طور من أطوار تجليه و المظاهر فى جميع
المظاهر و الماهيات و المشهود في كل الشئون و التعينات ليس إلا حقيقة الوجود بحسب
تفاوت مظاهره و تعدد شئونه و تكثر حيثياته و الماهية كالإمكان و الشيئية و سائر
المفهومات من المعقولات لا من الذوات العينية التي يتعلق بها الشهود و يتأثر منها
العقول و الحواس بل الممكنات باطلة الذوات هالكة الماهيات أزلا و أبدا و الموجود
هو ذات الحق دائما و سرمدا فالتوحيد للوجود و الكثرة و التميز للعلم إذ قد يفهم من
واحد من الوجود معاني كثيرة و مفهومات عديدة فللوجود ظهور لذاته في ذاته هو مسمى
بغيب الغيوب و بذاته لفعله بنورية سماوات لأرواح و أراضي الأشباح و هو عبارة عن
الوجودي المسمى باسم النور يظهر به أحكام الماهيات و الأعيان الثابتة و بسبب تمايز
الماهيات الغير المجعولة و تخالفها من دون تعلق جعل و تأثير اتصفت حقيقة الوجود
بصفة التعدد و الكثرة بالعرض لا بالذات فيتعاكس أحكام كل من الماهية و الوجود إلى
الآخر و صار كل منهما مرآة لظهور أحكام الآخر فيه بلا تعدد و تكرار من التجلي
الوجودي كما في قوله تعالى وَ ما أَمْرُنا إِلَّا
واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ[40] و إنما التعدد و التكرر في المظاهر و المرايا لا في التجلي و الفعل
و فعله تعالى نور واحد يظهر به الماهيات بلا جعل و تأثير و فيها يتعدد الماهيات
بتكثر ذلك النور كتكثر نور الشمس بتعدد المشبكات و الرواشن.
و اتفق أهل
الكشف و الشهود على أن الماهيات الإمكانية أمور عدمية لا بمعنى أن مفهوم السلب
المفاد من كلمة لا و ما و غيرهما داخل فيها و لا بمعنى أنها من الاعتبارات الذهنية
و المعقولات الثانية كالفوقية و الإضافيات و الكلية و الجزئية و النوعية و غيرها
من المعاني المنطقية بل بمعنى أنها غير موجود لا في مرتبة ذاتها بذاتها التي هي
نحو من أنحاء نفس الأمر كما قرره أصحاب العلوم الفطرية و لا في نفس الأمر أيضا لأن
ما لا يكون وجودا و لا موجودا في نفسه لا يمكن أن تصير موجودا بتأثير الغير و
إفاضته بل الموجود هو الوجود و أطواره