responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 7  صفحة : 25

عَلى‌ قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ‌ فإذا أعرضت النفس عن دواعي الطبيعة و ظلمات الهوى و الاشتغال بما تحتها من الشهوة و الغضب و الحس و التخيل و توجهت و ولت بوجهها شطر الحق و تلقاء عالم الملكوت الأعلى اتصلت بالسعادة القصوى فلاح لها سر الملكوت و انعكس عليها قدس اللاهوت و رأى عجائب آيات الله الكبرى كما قال سبحانه‌ لَقَدْ رَأى‌ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‌ ثم إن هذه الروح إذا كانت قدسية شديدة القوى قوية الإنارة لما تحتها لقوة اتصالها بما فوقها فلا يشغلها شأن عن شأن و لا يمنعها جهة فوقها عن جهة تحتها فتضبط للطرفين و تسع قوتها الجانبين لشدة تمكنها في الحد المشترك بين الملك و الملكوت لا كالأرواح الضعيفة التي إذا مالت إلى جانب غاب عنها الجانب الآخر و إذا ركنت إلى مشعر من المشاعر ذهلت عن المشعر الآخر.

فإذا توجهت هذه الروح القدسية التي لا يشغلها شأن عن شأن و لا يصرفها نشأة عن نشأة و تلقت المعارف الإلهية بلا تعلم بشري بل من الله يتعدى تأثيرها إلى قواها و يتمثل لروحه البشري صورة ما شاهدها بروحه القدسي و تبرز منها إلى ظاهر الكون فيتمثل للحواس الظاهرة سيما السمع و البصر لكونهما أشرف الحواس الظاهرة فيرى ببصره شخصا محسوسا في غاية الحسن و الصباحة و يسمع بسمعه كلاما منظوما في غاية الجودة و الفصاحة فالشخص هو الملك النازل بإذن الله الحامل للوحي الإلهي و الكلام هو كلام الله تعالى و بيده لوح فيه كتاب هو كتاب الله و هذا الأمر المتمثل بما معه أو فيه ليس مجرد صورة خيالية [1] لا وجود لها في خارج الذهن و التخيل كما يقوله من لا حظ له من علم‌


[1] إذ المشاهد ما تمثل في الحواس سواء جاء من الخارج أو من الداخل فذلك البعض من الأتباع ترقى عند نفسه و لم يقتصر على أن حقيقة النبي تتصل بحقيقة الملك فقط- كما يقول بعض آخر بل يقول إن النبي يتصل برقيقة الملك أيضا و لكن بخياله فقط ينالها و لا أيضا ينال صورة خيالية صرفة تكون نظيره أضغاث أحلام تكون في النوم لأن تلك الصورة الخيالية تنزلت من الألواح العالية و ظل لما فيها كالصور في الرؤيا الصادقة الحاصلة من مشاهدة النفس ما في تلك الألواح و لكن مع اللتيا و التي مخطى‌ء قاصر لأن- القوى الباطنة كمرايا متعاكسة فإذا تمثل الخيال بالصورة انطبع الحس المشترك أيضا بها- لأنه كمرآة ذات وجهين أحدهما إلى الخارج ينطبع فيه صور المحسوسات التي تأدت إليه من المشاعر الظاهرة و الآخر إلى الداخل يتلقى به ما يؤدي إليه من الألواح العالية- أو من الخيال مما ركبته المتخيلة.

فإذا علمت أن الصورة تساق من العوالم الباطنة إلى خياله المنور و من خياله إلى حسه المشترك و منه إلى مشاعره فكيف لا يكون مشاهدا مع أنه كما أن عقله فوق العقول كذلك حسه فوق الحواس في شدة النورية و التمثيل، س قده‌

اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 7  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست