اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 7 صفحة : 24
نور من أنوار الله المعنوية النازل من عنده على قلب من يشاء من عباده
المحبوبين- لا المحبين فقط لقوله تعالىوَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ
عِبادِناو قوله تعالىنَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِو قوله تعالىوَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَو هو بما هو كتاب إنما هو صور و نقوش و أرقام و
فيها آيات أحكام نازلة من السماء نجوما على صحائف قلوب المحبين و ألواح نفوس
السالكين و غيرهم يكتبونها في صحائفهم و ألواحهم- بحيث يقرؤها كل مسلم قار و يتكلم
بها كل متكلم و يعمل بأحكامها كل عامل موفق- و بها يهتدون و بما فيه يعملون و
يتساوى في هدايتها الأنبياء و الأمم كما في قوله تعالىوَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً
لِلنَّاسِو قوله تعالىوَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها
حُكْمُ اللَّهِو أما القرآن
العظيم الكريم ففيه عظائم العلوم الإلهية كأن يتعلم بها رسول الله الخاتم و أهل
بيته المكرم س لقوله تعالىوَ
عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماًو فيه كرائم أخلاق الله تخلق بها رسول الله ص
لقوله تعالىإِنَّكَ
لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍإذ كان خلقه
القرآن كما روي هذا.
فإذا علمت هذه المقدمات فنقول في كيفية النزول كما سيجيء بيانه
مفصلا في مسائل النبوات أن سبب إنزال الكلام و تنزيل الكتاب هو أن الروح الإنساني
إذا تجرد عن البدن و خرج عن وثاقه من بيت قالبه و موطن طبعه مهاجرا إلى ربه
لمشاهدة آياته الكبرى و تطهر عن درن المعاصي و اللذات و الشهوات و الوساوس العادية
و التعلقات- لاح له نور المعرفة و الإيمان بالله و ملكوته الأعلى و هذا النور إذا
تأكد و تجوهر كان جوهرا قدسيا يسمى عند الحكماء في لسان الحكمة النظرية بالعقل
الفعال و في لسان الشريعة النبوية بالروح القدسي و بهذا النور الشديد العقلي
يتلألأ فيه أسرار ما في الأرض و السماء و يتراءى منه حقائق الأشياء كما يتراءى
بالنور الحسي البصري الأشباح المثالية في قوة البصر إذا لم يمنعها حجاب و الحجاب
هاهنا هو آثار الطبيعة و شواغل هذا الأدنى و ذلك لأن القلوب و الأرواح بحسب أصل
فطرتها صالحة لقبول نور الحكمة- و الإيمان إذا لم يطرأ عليها ظلمة تفسدها كالكفر
أو حجاب يحجبها كالمعصية و ما يجري مجراها كما في قوله تعالىوَ طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا
يَفْقَهُونَو قوله تعالىبَلْ رانَ
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 7 صفحة : 24