اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 222
إلا مع المادة بأن كان وجوده في المادة مصححا لقبوله للإشارة و الجهة
و الانقسام و غير ذلك فإن المقدار إذا فرض مجردا عن المادة كما في الخيال كان ذا
نهاية مقدارية و ذا أجزاء لها هيئة اتصال بمعنى غير ما ذكروه من كونها على وجه
يقال لكل منها أين هو من صاحبه و يتصور له أيضا شكل من غير أن يكون للشكل أين.
و له أيضا سطوح و خطوط لها أوضاع بمعنى آخر و للخط نقطة لها وضع خاص
لا بمعنى الإشارة الحسية.
و بالجملة فكما للعقل إشارة و للحس إشارة غيرها فكذا للقوة الخيالية
إشارة إلى المقادير و أطرافها غير تينك الإشارتين و للعقل وضع يختص بالعقليات و
الكليات و للخيال وضع يوجد للأشباح الإدراكية و للحس وضع يختص بالماديات سواء كان
للنقطة أو للمقدار المنقسم في بعض الجهات لا كلها أو في الجسم المنقسم في جميع
الجهات- و الوضع الذي هو من المقولة هو هذا المعنى الأخير و كذا الوضع الذي جزء
المقولة- لا يوجد إلا في عوارض المادة.
فإن النقطة ما لم تقع في هذا العالم لم يكن قابلا للإشارة الحسية و
الخط و السطح ما لم يقعا في المادة القابلة لم يكن أجزاؤهما بحيث يصح أن يقال يعرض
لبعض منها بالقياس إلى بعض أين هو من الآخر.
ثم الوضع قد يكون بالطبع و قد يكون لا بالطبع
و قد يكون بالفعل و قد يكون بالقوة- و الذي بالطبع و بالفعل كوضع
الأرض من الفلك فإن حيزيهما متمايزان بالفعل و أما الذي بالفعل و ليس بالطبع كحال
ساكن البيت من البيت فإن الوضع حاصل لهما بالفعل لكن اختلاف حيزيهما ليس اختلافا
طبيعيا و أما الذي بالقوة كما يتوهم قرب دائرة الرحى إلى قطبها و نسبته إلى دائرة
القطب ليست بالفعل إذ لا دائرة بالفعل فلا وضع إلا بالتوهم أو بالقوة و الوضع مما
يقع فيه التضاد و الشدة و الضعف.
أما التضادفكون الإنسان
رأسه إلى السماء و رجله إلى الأرض مضادا لوضعه إذا صار معكوسا و الوضعان معنيان
وجوديان متعاقبان على موضوع واحد من غير أن
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 222