اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 166
موضع آخر فإن سائر الأشكال إنما يبين له بوضع الدائرة و تسليم وجودها
فإن المثلث الذي هو أول أشكالها المسطحة يصح وجوده إن صحت الدائرة و كذا المربع و
المخمس و سائر الأشكال المسطحة و المجسمة.
و أما الكرة
فإنما يصح وجودها على طريق المهندسين إذا أدير دائرة في دائرة و
الأسطواني إذا حركت دائرة حركة يلزم فيها مركزها في أول الوضع لزوما على الاستقامة
و المخروط إذا حرك مثلثا قائم الزاوية على أحد ضلعي القائمة حافظا لطرف ذلك الضلع
مركز الدائرة و دائرا بالضلع الثاني على محيط الدائرة.
أما تعريف الدائرة
فهو سطح مستو يحيط به خط واحد يفرض في داخله نقطة كل الخطوط
المستقيمة الخارجة منها إليه متساوية و تقييد النقطة بالدخول غير لازم في التعريف
فإنه لو قيل الدائرة سطح يحيط به خط واحد يمكن أن يفرض نقطة كل الخطوط الخارجة
منها إليه متساوية لكان صحيحا.
و اعلم أنه لا شك في وجود الخط المستقيم و أما الدائرة فقد أنكرها
أكثر مثبتي الجزء الذي لا يتجزى فوجب على الحكيم دون غيره كما عرفت بأن يقيم
البرهان على وجودها و للحكماء في إثبات الدائرة حجج ثلاث- الأولى أنا إذا تخيلنا
بسيطا مستويا و خطا مرسوما في ذلك البسيط و تخيلنا إحدى نقطتيه ثابتة و الأخرى
متحركة حولها إلى أن يعود إلى الموضع الذي بدئت منه فإنه يحدث دائرة لأن ما رسمته
النقطة مسافة لا عرض لها فهي إذن خط مستدير و الأبعاد في جميع الجوانب من النقطة
الثابتة إلى ذلك المستدير متساوية لأنها بمقدار ذلك المستقيم فثبت القول بالدائرة.
و ثانيها أن الأجسام البسيطة أشكالها الطبيعة كما ستعرفه هي كرات و
إذا قطعت الكرة بسطح مستو حدثت لا محالة دائرة.
و ثالثها أنا إذا فرضنا جسما ثقيلا و نجعل أحد طرفيه أثقل من الآخر-
و نجعله قائما على السطح قياما معتدلا مماسا له بطرف الأخف فلا شك أن الطرف
الملاقي
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 166