اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 154
باطلة في نفسها فعلى هذا لا يلزم من كون الظلمة موحشة أن يكون تصرف
الحس في ضياء العالم لذيذا و مثل التمكن من المراد في الوقت و الاستمرار على توقف
مقتضى القصد من غير شاغل و كذا العزائم و الآمال و ذكر ما سلف و رجاء ما يستقبل و
تحدث النفس بالأماني و المحادثة و الاستغراب و الاغتراب و التعجب و الإعجاب و
مصادفة حسن الإصغاء من المجاور و المساعدة و الخديعة و التلبيس و الغلبة في أدنى
شيء و غير ذلك.
و أما الأسباب العامة الخارجة فمقابلات هذه الأمور المذكورة و هي مثل
تذكر الأخطار التي عرضت و الآلام التي قوسيت و الأحقاد و ما غاظ من المعاملات و
المعاشرات و مثل توهم المخاوف في المستقبل و خصوصا من الواجب عن مفارقة هذه الدار
الدنيا التي تصرف عنها قناعة العاقل بما لا بد منه و الفكر في غيره من المهمات
الأخروية التي يجب السعي فيها و مثل الانقطاع عن الشغل و الفكر العارض و القصور عن
المراد و غير ذلك مما لا يحصى فهذه و أمثالها ترد على نفس المستعد للغم فتغمه- ثم
التخيل بفوته في السوداوي مما يعين ذلك بإيراد الأشباه و المحاكيات لما يوحش و يغم
و إنما يقوى التخيل في السوداوي ليبس مزاج الروح الموضوعة فتخف حركتها و لإعراض
العقل عن القوى الباطنة لفساد مزاج الروح التي فيها و اختصاص حركاتها على مقتضى ما
يعد له ذلك المزاج و الكيفية الردية المظلمة.
الثالث أن تكرر الفرح يعد النفس للفرح
و تكرر الغم بعد النفس للغم لما ذكره الشيخ أن كل فعل ذي ضد إذا تكرر
فإن القوة عليه تشتد و كل قوة تشتد يصير استعداده أشد.
و بيانه بوجهين أحدهما الاستقراء فإن الجسم إذا سخن مرارا متوالية
استعد لسرعة التسخن و كذا إذا أبرد و كذا إذا تخلخل و كذا إذا تكثف و القوى
الباطنة تصير لها عند تكرر أفعالها و انفعالاتها ملكة قوية ما كان حالا و بمثل هذا
تكتسب الأخلاق.
و ثانيهما القياس المأخوذ عن المشهودات فإن كل انفعال حدث للشيء فهو
مناسب لجوهره و المناسب للشيء معاند لضده و المعاند للضد إذا تمكن مرارا نقص من
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 154