اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 124
غير إدراك الملائم و الألم غير إدراك المنافي.
و وجه الدفع أن الحلو ملائم لقوته الذوقية و ليس آفة لها بالفعل بل
قوة و كمالا لها و كذا الأدوية البشعة ليست ملائمة و لا نافعة للقوة الذوقية و
إنما عدم ملائمة الحلو و وجود ملائمة البشع لأن ذلك يوجب زيادة الخلط الردي
المنافي لمزاج البدن و هذا يوجب دفع ذلك الخلط الردي فيعود ذلك وبالا و هذا نفعا
لا لأجل إدراكيهما و لو فرض الإدراك للحلو حاصلا و لم يعرض أمر آخر كان خيرا محضا
و لذة.
و لو أدرك البشاعة و المرارة و لم يعرض أمر آخر كان شرا محضا و ألما
و الأمر العارض هو الذي يخرج الدواء خلطا موذيا أو يحيله إلى خلط جيد يتغذى به أو
يقوي البدن فلهذين الأمرين يحصل الضرر و الانتفاع لا بمجرد الإدراكين الأولين
فصل (5) في إبطال القول بأن المؤلم الموجع في الجميع هو تفرق
الاتصال
قال إمام الأطباء جالينوس إن السبب الذاتي للوجع و هو الألم الحسي
هو تفرق الاتصال فإن الحار إنما يوجع لأنه تفرق الاتصال و البارد
إنما يوجع أيضا إذ يلزمه تفرق الاتصال لخلاف جانب الجمع و التكثيف و الأسود في
المبصرات يؤلم لشدة جمعه و الأبيض لشدة تفريقه و المر و الحامض يؤلم لفرط تفريقه و
العفص لفرط تقبيضه فيتبعه تفرق الاتصال و كذا الأصوات القوية يؤلم بالتفرقة بعنف
من الحركة الهوائية عند ملاصقته للصماخ.
و بالجملةفالأطباء
اتفقوا على أن تفرق الاتصال سبب ذاتي للوجع.
أقوللا شك أن لفظه
اللذة و الألم عند العامة لا يطلقان إلا للحسي فقط بناء على عدم تفطنهم بنحو آخر
من الوجود و لا شبهة في أن موضوع كل حس جسم لطيف- متفاوت في اللطافة له صورة
اتصالية و له أيضا كيفية مزاجية اعتدالية فسبب الألم إما زوال اتصاله بورود
الانفصال أو زوال مزاجه بورود ضد المزاج.
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 4 صفحة : 124