اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 302
و بمثل ما امتنع به انطباع الصورة في العين يمتنع انطباعها في موضع
من الدماغ فإذن الصور الخيالية لا تكون موجودة في الأذهان لامتناع انطباع الكبير
في الصغير و لا في الأعيان و إلا ليراها كل سليم الحس و ليست عدما و إلا لما كانت
متصورة و لا متميزة و لا محكوما عليها بالأحكام المختلفة الثبوتية و إذ هي موجودة
و ليست في الأذهان و لا في الأعيان و لا في عالم العقول لكونها صورا جسمانية لا
عقلية- فبالضرورة يكون في صقع آخر و هو عالم المثال المسمى بالخيال المنفصل لكونه
غير مادي تشبيها بالخيال المتصل و هو الذي ذهب إلى وجوده الحكماء الأقدمون-
كأفلاطون و سقراط و فيثاغورس و أنباذقلس و غيرهم من المتألهين و جميع السلاك من
الأمم المختلفة فإنهم قالوا العالم عالمان عالم العقل[1]المنقسم إلى عالم الربوبية و إلى عالم العقول و النفوس و
عالم الصور المنقسم إلى الصور الحسية و إلى الصور الشبحية و من هاهنا يعلم أن
الصور الشبحية ليست مثل أفلاطون لأن هؤلاء العظماء من أكابر الحكماء كما يقولون
بهذه الصور يقولون بالمثل الأفلاطونية- و هي نورية عظيمة ثابتة في عالم الأنوار
العقلية و هذه مثل معلقة في عالم الأشباح المجردة بعضها ظلمانية هي جهنم عذاب
الأشقياء و بعضها مستنيرة هي جنات يتنعم بها السعداء من المتوسطين و أصحاب اليمين
و أما السابقون المقربون فهم يرتقون إلى الدرجة العليا و يرتعون في رياض القدس عند
الأنوار الإلهية و المثل الربانية
نقد عرشي:
اعلم أنا ممن يؤمن بوجود العالم المقداري الغير المادي كما ذهب إليه
أساطين الحكمة و أئمة الكشف حسبما حرره و قرره صاحب الإشراق أتم تحرير و تقرير إلا
أنا نخالف معه في شيئين[2]
[2]لا ريب في أن النفس لا تنال شيئا من معلوماتها إلا بعد
وجودها للنفس و لازم هذا الارتباط كون وجود المعلوم سواء كان جزئيا أو كليا قائما
بالنفس و من مراتب وجودها فالنفس لا تنال شيئا إلا في داخل ذاتها و دائرة وجود
نفسها و لازم ذلك أن يكون لها مثال خاص بها منطبق على المثال الأعظم إلا ما تغيره
خصوصية وجود النفس نظير الخطاء الحاصل للحواس في محسوساتها المستند إلى خصوصيات
الحاس أو المحسوس- و كالتغير الحاصل للمرئي باختلاف المرائي في أشكالها من تربيع و
تثليث و استطالة و استدارة و غيرها و يؤدي إلى مغايرة المرآت للمرئي فقوله ره
بثبوت مثال خاص بالنفس- غير المثال الأعظم العام مما لا محيص عنه لكن ينبغي أن
يقال بمثله في العقل فإن ما تجده النفس من الصور العقلية أيضا غير خارج عن عالم
نفسها و حيطة ذاتها لجريان ما مر من البرهان في المثال فيه بعينه، ط
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 302