اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 264
أكثر إذ الوجود بذاته مبدأ للأثر فقد يكون لماهية واحدة و مفهوم واحد
أنحاء من الوجود و الظهور و أطوار من الكون و الحصول بعضها أقوى من بعض و يترتب
على بعضها من الآثار و الخواص ما لا يترتب على غيره فكما أن الجوهر معنى واحد و
ماهية واحدة يوجد تارة مستقلا بنفسه مفارقا عن المادة متبرئا عن الكون و الفساد و
التغير فعالا ثابتا كالعقول المفارقة على مراتبها و يوجد تارة أخرى مفتقرا إلى
المادة مقترنا بها منفعلا عن غيره متحركا و ساكنا و كائنا و فاسدا كالصور النوعية
على تفاوت طبقاتها في الضعف و الفقر فيوجد طورا آخر وجودا أضعف من ذينك الصنفين-
حيث لا يكون فاعلا و لا منفعلا و لا ثابتا و لا متحركا و لا ساكنا كالصور التي
يتوهمها الإنسان[1]من حيث كونها
كذلك[2].
و الثانية هي أن الله تعالى قد خلق النفس الإنسانية
بحيث يكون لها اقتدار- على إيجاد صور الأشياء المجردة و المادية
لأنها من سنخ الملكوت و عالم القدرة و السطوة و الملكوتيون لهم اقتدار على إبداع
الصور العقلية القائمة بذواتها و تكوين
[1]أشار بقيد الحيثية إلى دفع ما عسى أن يقال إن الصور
الذهنية كيف لا تكون فاعلة و لو لا البناء الذي في خيالك و النار التي فيه لم
يتحقق بناء في الخارج و لم توقد نار فيه و كيف لا تكون منفعلة و لها ماهيات قابلة
و كيف لا تكون ثابتة و خيالياتها أثبت فضلا عن عقلياتها بيان الدفع أن المراد أنها
من حيث إنها آلات لملاحظة الخارجيات كذلك فإنها من هذه الحيثية ظهورات لها و أيضا
منظوره قدس سره بيان وجه الضبط و أنها ليست فاعلة كالمفارقات و لا منفعلة
كالماديات، س ره
[2]التقييد بالحيثية لتتميم معرف الوجود الذهني تجاه الوجود
الخارجي فإن الوجود الذهني الذي هو أحد قسمي الوجود المطلق المنقسم إلى الخارجي و
الذهني إنما يتحقق بالقياس و هو قولنا الوجود إما أن يترتب عليه الآثار و هو
الخارجي و إما أن لا يترتب عليه تلك الآثار بعينها و هو الذهني و القسمان متقابلان
لمكان التقسيم- فالوجود الذهني إنما هو ذهني من جهة مقابلته الوجود الخارجي و عدم
ترتب آثاره عليه- و أما من جهة ترتب آثار ما عليه لكونه رافعا للعدم الذي هو الجهل
و كونه متشخصا بتشخص الذهن و سائر الآثار كحمرة الخجل أو الغضبان و صفرة الوجل و
غير ذلك فهو من هذه الجهة وجود خارجي و ليس بذهني لترتب الآثار عليه و عدم كونه
مأخوذا بالقياس إلى الخارج و يتفرع على هذا البيان أن كل موجود ذهني فله خارج مقيس
إليه و أن ما لا خارج له لا ذهن له و أن ما حيثية ذاته عين الخارج و ترتب الآثار
فلا يقع في ذهن- كصريح الوجود الخارجي و الوجود الواجبي إلى غير ذلك من المسائل
فتنبه، ط
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 264