اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 229
التحيث بأحد الطرفين في الاعتبار الثاني أن يؤخذ مفهوم التحيث و يضم
إلى أصل الذات- حتى يحصل منه مركب اعتباري و حكم بوجوب عدمه و قيل يتعدد موضوع
المتقابلين- فالمراد من الذات المتلبسة بأحد الطرفين كالوجود مثلا هو اعتبار تلك
الذات على وجه يكون مصداقا لما يعبر عنه و يحكي عنه العقل بهذا المفهوم الذهني
الذي هو مفهوم التحيث بهذا الطرف و لا شبهة في أن الذات المأخوذة على هذا الوجه
الذي يمكن الحكاية عنها بحسبه بما ذكر يمتنع لحوق الطرف الآخر له بالذات و لا شبهة
أيضا أن ليس في تلك الذات المحكي عنها بما ذكرناه تركيب بحسب الواقع إلا في
الاعتبار الذهني حتى يختلف موضوع الطرفين فثبت الامتناع الذاتي للطرف الآخر- و من
امتناعه الذاتي يلزم الوجوب الذاتي لمقابله على أن ما يتمحل هذا القائل لا يجري[1]في نفس الوجود الذي هو بعينه جهة الوجوب
اللاحق في كل شيء و هو بعينه ذات موجودة كما قررناه و بمجرد نفسه ينحل إلى موضوع
و صفة هي أحد المتقابلين في قولنا الوجود ثابت و يمتنع له لذاته قولنا لا ثابت فلا
محيص إلا فيما أسسناه في هذا المقام من الفرق بين الوجوبين اللازم منهما غير محذور
و هو الوجوب المقيد بدوام ذات الموضوع و المحذور منهما غير لازم و هو الوجوب
المطلق الأزلي.
ذيل:
كل ممكن[2]لحقه
الوجود و الوجوب[3]لغيره في وقت
من الأوقات فإنه كما يمتنع عدمه في ذلك الوقت كذلك يمتنع
[1]هذا جواب برهاني و ليس جدليا إلزاميا حتى يقال إنه ليس
قائلا بأصالة الوجود، س ره
[2]هذه قاعدة نفعها عظيمة بيانها أنه إذا لحق الوجود بالممكن
في وقت فلا يمكن ارتفاعه لا في ذلك الوقت بمقتضى الوجوب اللاحق و لا في غير ذلك
الوقت إذ لم يقع فيه حتى يمكن ارتفاعه و لا عن الواقع مطلقا إذ الطبيعة ترتفع
بارتفاع جميع أفرادها و هذا ما قيل أن الأشياء بالنسبة إلى المبادي العالية واجبات
ثابتات فضلا عن مبدإ المبادي- فكل في حده حاضر لديه و لا دثور و لا زوال بالنسبة
إليه و من أسمائه الحسنى يا من لا ينقص من خزائنه شيء و لا تبدل في علم الله
تعالى هذا في الماهية من حيث التحقق- و أما الوجود الخاص الحقيقي فيمتنع عليه
العدم إذ الشيء لا يقبل نقيضه و لا ضده و لا موضوع له حتى يقبل العدم بطريان ضده
على موضوعه فافهم، س ره
[3]و هذه نظرية شريفة تستتبع نظريات أخرى منها أن ثبوت كل
موجود مادي يستلزم ثبوت موجود مجرد مسانخ لوجوده المادي مهيمن عليه و ذلك أن هذا
الموجود المفروض كما يمتنع عن قبول العدم بالنسبة إلى الواقع المطلق كذلك يمتنع عن
قبول كل تغير و تبدل مفروض لأن التغير كيفما فرض لا يخلو عن انعدام ما و كل مادي
فإنه من حيث إنه مادي لا يمتنع عن قبول تغير ما و تبدل ما ففي كل مرتبة من مراتب
الموجودات المادية موجود مجرد لا يقبل الزوال و التغير و هو المطلوب- و التنبه إلى
هذه النظرية هو الذي دعا بعض علماء الطبيعة من الغربيين أن احتمل انقطاع الحاجة
إلى العلة لقصره العلة في العلة المادية و قد ذهب عليه أولا أن تحقق النسبة- بين
الموجود المادي و بين مطلق الواقع لا يبطل النسبة بين الماديات أنفسها- و ثانيا أن
العلة غير منحصرة في العلة المادية بل من العلة العلة الفاعلية التي لا غنى عنها
لموجود إمكاني و سيجيء إثباتها، ط
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 229