اعلم يا أخا الحقيقة أيدك الله بروح منه أن العلم كالجهل قد يكون
بسيطا و هو عبارة عن إدراك شيء مع الذهول عن ذلك الإدراك و عن التصديق بأن المدرك
ما ذا و قد يكون مركبا و هو عبارة عن إدراك شيء مع الشعور بهذا الإدراك و بأن
المدرك هو ذلك الشيء إذا تمهد هذا فنقول إن إدراك الحق تعالى على الوجه البسيط
حاصل لكل أحد في أصل فطرته لأن المدرك بالذات من كل شيء عند الحكماء بعد تحقيق
معنى الإدراك و تلخيصه عن الزوائد على ما يستفاد من تحقيقات المحققين من المشائين
كما سيقرع[3]سمعك ليس إلا
نحو وجود ذلك الشيء سواء كان ذلك الإدراك حسيا أو خياليا أو عقليا و سواء كان
حضوريا أو حصوليا و قد تحقق و تبين عند المحققين من العرفاء و المتألهين من
الحكماء
[1]كما إذا استغرقت في مشاهدة وجهك في المرآت و يكون للمرآت
لون فأنت لاستغراقك في مشاهدة وجهك و كون المرآت و العكس آلة لحاظ وجهك لا تلفت
إلى اللون و لكنه باق في الواقع كما قيل-
[3]في مرحلة العقل و المعقول و خلاصة ما حققه هناك أن غير
المحصلين منهم إما أن أرادوا بصورة الشيء في تعريف العلم ماهيته التي هو بها ما
هو و الماهية لا يمكن أن يكون سنخ العلم الذي هو من حقيقة النور و الظهور و إما أن
أرادوا بها الماهية الموجودة بالوجود المادي و لكن بحذف المادة عنها فالوجود
المادي أيضا لكونه للمادة بل غائبا عن نفسه حيث يكون ممتدا متقدرا لا يصلح للعلم و
المعلومية بالذات و إذا بطل هذان فمراد المحصلين بالصورة نحو وجود آخر مجرد نحوا
من التجرد مغايرا للوجود المادي من ثمانية أوجه كما حققه هناك و إذا كان نحوا من الوجود
و الوجود عين الربط بالحق تعالى فهو المدرك بكل إدراك، س ره
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 116