responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 106

الماهية لا تقتضي شيئا من مراتب التعين.

فاعلم أن كون تشخص كل جوهر عقلي من لوازم ذاته ليس معناه أن الماهية المطلقة تقتضي التعين فقد أشرنا إلى أن التعين بمعنى ما به التعين في الأشياء نفس وجودها الخاص و الوجود مما لا يقتضيه الماهية كما عرفت بل اللزوم قد يراد منه عدم الانفكاك بين شيئين سواء كان مع الاقتضاء أم لا و هو المراد من قولهم تعين كل عقل لازم لماهيته و أما التعين بمعنى المتعينية فهو أمر اعتباري عقلي لا بأس بكونه من لوازم الماهية بأي معنى كان لأنه ليس أمرا مخصوصا يتعين به الشي‌ء

الوجه الخامس‌

و هو قريب المأخذ مما ذكره صاحب الإشراق و يناسب مذهب‌ [1] المشائين و هو أن الوجود لو كان زائدا على ماهية الواجب لزم وقوعه‌ [2]


[1] حيث قالوا بجنسية الجوهر بمعنى ماهية إذا وجدت إلخ 106 و أما الشيخ الإشراقي فقد قال في حكمة الإشراق و اعلم أن الجوهرية أيضا ليست في الأعيان أمرا زائدا على الجسمية بل جعل الشي‌ء جسما بعينه هو جعله جوهرا إذ الجوهرية عندنا ليست إلا كمال ماهية الشي‌ء على وجه يستغني في قوامه عن المحل و المشاءون عرفوه بأنه الموجود لا في موضوع فنفي الموضوع سلبي و الموجودية عرضية إلى آخر ما قال، س ره‌

[2] هذا ممنوع و لا يمكن إلزام القائل بالماهية للواجب تعالى بذلك إذ الماهية غير منحصرة في الماهية الجوهرية و العرضية بل كما أنهم يقولون إن الموجود في الموضوع هو العرض و الموجود ذو الماهية مسلوبا عنه الموضوع هو الجوهر و الموجود لا في الموضوع مطلقا يصدق على الواجب تعالى كذلك هذا القائل يقول الماهية البسيطة الواجبية التي يقتضي وجودها و يلزمها الوجود كلزوم الزوجية للأربعة هي الواجب و الماهية الإمكانية التي لا تقتضي الوجود هي الماهية الجوهرية و العرضية و إن كان اقتضاء الماهية للوجود باطلا إلا أنه الوجه السابق فلم يكن هذا وجها على حدة نعم يمكن الاستدلال على المطلوب بالتركيب من وجه آخر بأن يقال لو كان للواجب تعالى ماهية سوى الوجود و لو كانت ماهية بسيطة نوعية لكان زوجا تركيبيا و التالي باطل فالمقدم مثله بيان الملازمة أن الواجب حينئذ مجموع الماهية و الوجود لا الماهية فقط إذ المراد بها ما هي مقابلة للوجود فليست من حيث هي إلا هي فلا يمكن كونها بلا وجود حقيقة الواجب تعالى و هو ظاهر و لا من حيث كونها ملزومة للوجود بحيث يكون الوجود خارجا و الحقيقة نفس الماهية اللاموجودة و اللامعدومة بل مجموع الماهية و الوجود حقيقته تعالى و هذا لا يرتفع بجعل أحدهما لازما و الآخر ملزوما كما أن التركيب لا يسلب عن الممكن بجعل الوجود عارضا و الماهية معروضه أو بالعكس- و لا بجعل العروض حقيقيا أو تحليليا فلا يرد علينا ما أورده المصنف قدس سره في الإلهيات على قولهم كل عرضي معلل بأنه في غير العروض التحليلي و أن حجتهم مغالطة من باب الاشتباه- بين عارض الماهية و عارض الوجود لأنا جعلنا المحذور هو التركيب و هو يلزم بلا شبهة إذ كما أن حيثية الوجدان و الفقدان متغايران كما أخذ في برهان كون بسيط الحقيقة كل الأشياء كذلك حيثية لا يأبى عن الوجود و العدم و حيثية يأبى عن العدم- و إن كان دليل القوم أيضا صحيحا إذ عند الاعتبار و التحليل إلى الحيثيتين النفس الأمريتين يحكم العقل بالعروض و التعليل و الحكم بالتعليل في التحليل أيضا باطل في الواجب تعالى عند العقل و أما بطلان التالي فلوجهين الأول أن العقل الصحيح يحكم بأنه تعالى- واحد أحد بسيط فرد لا يجوز فيه شي‌ء و شي‌ء فإن عبر عنه بالوجود فهو وجود بلا ماهية- أو بالنور فهو نور بلا ظلمة أو بالفعلية فهو فعلية بلا قوة و هكذا في غيرها من الأطراف القابلة- التي يجوز في حقه و الثاني أنه سيجي‌ء كما أن الإمكان مادة التركيب كذلك التركيب صورة الإمكان كما أن كل ممكن زوج تركيبي كذلك كل زوج تركيبي ممكن- إذ كل مركب محتاج و الحاجة نفس الإمكان أو مساوقة له أو معلولة له كما سيأتي.

و لنا وجه آخر في إثبات هذه البغية العظمى و الوجهة الكبرى التي هي عندنا- كالشمس في رابعة النهار و إن قال إمام المشككين في بعض كتبه إن علم الذات عليه عقدة الشك من أن الوجود عين ماهيته تعالى أو زائد عليها و هو أنه لو كان للواجب أيضا ماهية لزم إمكان تعقله للبشر و اللازم باطل عقلا و اتفاقا فالملزوم مثله- بيان الملازمة أن سنخ الماهية ممكن التعقل و الاكتناه أينما تحققت كما اشتهر أن التعريف للماهية و بالماهية و قد مر أن الكلام في الماهية المصطلحة التي هي غير الوجود و هي حيثية لا تأبى عن الوجود و العدم و لو لم تعقل بالفعل فلا أقل من إمكان التعقل- كما أن ماهية الإنسان ممكنة التعقل و إن لم يعقلها العامي بالفعل و لو فرض أن الممكن لم يكن له ماهية لم يمكن تعقله أيضا إذ وجوده الخارجي لا يحصل في الذهن و إلا لانقلب كما مر و لهذا قالوا الجزئي لا يكون كاسبا و لا مكتسبا فالجزئي الذي هو الوجود العيني المتشخص بذاته لا ينال إلا بصريح العرفان و المشاهدة الحضورية- و هو أيضا لا يتيسر بالنسبة إلى حقيقة الوجود إلا بالفناء المحض و الطمس الصرف في نظر شهود العارف و إن كان في الواقع من وراء حجب أو حجاب حتى في العقل الأول فواجب الوجود صرف الوجود الذي لا يمكن اكتناهه.

وجه آخر لو كان له ماهية لم يكن محيطا بكل التعينات لأن خصوصية أية ماهية كانت- لا تجامع خصوصيات الماهيات الأخر فلا بد أن يكون هو تعالى وجودا يجامع كل التعينات و ينبسط على كل الماهيات، س ره‌

اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست