اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 187
و قد كان الإمكان عند
العامّة يستعمل في سلب الضرورة عن الجانب المخالف 57، و لازمه سلب الامتناع عن
الجانب الموافق؛ و يصدق في الموجبة فيما إذا كان الجانب الموافق ضروريّا، نحو:
الكاتب متحرّك الأصابع بالإمكان، أو مسلوب الضرورة، نحو: الإنسان متحرّك الأصابع
بالإمكان؛ و يصدق في السالبة فيما إذا كان الجانب الموافق ممتنعا 58، نحو:
ليس الكاتب بساكن
الأصابع بالإمكان، أو مسلوب الضرورة، نحو: ليس الإنسان بساكن الأصابع بالإمكان.
فالإمكان بهذا المعنى
أعمّ موردا من الإمكان بالمعنى المتقدّم- أعني سلب الضرورتين- و من كلّ من الوجوب
و الامتناع؛ لا أنّه أعمّ مفهوما 59،
57- قوله قدّس سرّه:
«الإمكان عند العامّة يستعمل في سلب الضرورة عن الجانب المخالف»
يبدو أنّ الإمكان عند
العامّة ذو مفهوم ثبوتيّ هو الجواز المعبّر عنه بالفارسيّة ب «شدنى بودن» و لازمه
سلب الضرورة عن الجانب المخالف و سلب الامتناع عن الجانب الموافق.
و لكنّ الحكماء لاحظوا
لازمه الأوّل و نقلوه إلى سلب الضرورتين. فالإمكان الخاصّ أمر عدميّ ذو مفهوم
سلبيّ بينما الإمكان العامّ أمر ثبوتيّ.
نعم! يمكن الفرق بين
الإمكان العامّ و الإمكان العامّيّ بأنّ الأوّل مصطلح خاصّ يراد به سلب الضرورة عن
الجانب المخالف و الثاني هو الموضوع في اللغة و العرف للجواز و الصحّة. فالأوّل ذو
معنى سلبيّ، و الثاني معنى ثبوتيّ.
58- قوله قدّس سرّه: «و
يصدق في السالبة فيما إذا كان الجانب الموافق ممتنعا»
لا يخفى عليك: أنّ لازم
الإمكان العامّ- كما صرّح قدّس سرّه به آنفا- سلب الامتناع عن الجانب الموافق، فلا
يمكن أن يكون الجانب الموافق ممتنعا، فالمراد من الجانب الموافق في كلامه قدّس
سرّه هو المحمول بما هو محمول لا سلبه في القضيّة السالبة و إثباته في القضيّة الموجبة.
و كان الأولى أن يقول: و يصدق في السالبة فيما إذا كان الجانب الموافق و هو السلب
ضروريّا بأن كان ثبوت المحمول للموضوع ممتنعا.
59- قوله قدّس سرّه: «لا
أنّه أعمّ مفهوما»
لا يخفى: أنّ لقولهم «ألف»
أعمّ مفهوما من «ب» إطلاقين:
أحدهما: أنّ «الف» لم يؤخذ
فيه مفهوم «ب» سواء أخذ «الف» في مفهوم «ب» أم لم يؤخذ.
و إذا أخذ فسواء أن يكون
مأخوذا في مفهوم آخر أيضا أم لم يؤخذ.
اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 187