اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 95
ولكذبت القضايا
الكلّيّة ، كقولنا : «كلٌّ ممكن فله علّةٌ» ، و «كلٌّ أربعة زوجٌ» ، و «كلّ كثير
فإنّه مؤلَّف من آحاد» ، والضرورة تدفعه. فالحقّ أنّ الكلّيّة والجزئيّة لازمتان
لوجودِ الماهيّات؛ فالكلّيّة لوجودها الذهنيّ والجزئيّة لوجودها الخارجيّ.
وكذا ما قيل [١] : «إنّ الماهيّة الموجودة في الذهن
جزئيّةٌ شخصيّةٌ ، كالماهيّة الموجودة في الخارج ، فإنّها موجودةٌ في ذهن خاصٍّ
قائمةٌ بنفس جزئيّة.
فالماهيّة الإنسانيّه الموجودة في ذهن
زيد ـ مثلا ـ غيرُ الماهيّة الإنسانيّة الموجودة في ذهن عمرو ، والموجودةُ منها في
ذهن زيد اليوم غيرُ الموجودة في ذهنه بالأمس ، وهكذا».
فاسدٌ ، فإنّ الماهيّة المعقولة من
الحيثيّة المذكورة ـ أعني كونَها قائمةً بنفس جزئيّة ناعتةً لها ، وكذا كونَها كيفيّةً
من الكيفيّات النفسانية وكمالا لها ـ هي من الموجودات الخارجيّة الخارجة من بحثنا
، وكلامنا في الماهيّة بوجودها الذهنيّ الذي لا تترتّب عليها فيه آثارها الخارجيّة
، وهي من هذه الجهة لا تأبى الصدقَ على كثيرين.
ثمّ إنّ الأشياء المشتركة في معنى كليٍّ
يتميّز بعضها من بعض بأحد اُمور ثلاثة ، فإنّها إن اشتركَتْ في عَرَضيٍّ خارج من
الذات فقط تميّزَتْ بتمام الذّات ، كالنوعين من مقولتَيْن من المقولات العرضية
المشتركَيْن في العرضيّة ، وإن اشتركَتْ في ذاتِيٍّ فإن كان في بعض الذات ، ولا
محالة هو الجنس ، تميّزَتْ ببعض آخر وهو الفصل ، كالإنسان والفرس المشتركَيْن في
الحيوانيّه المتميّزَيْن بالنُطق والصهيل؛ وإن كان في تمام الذات تميّزَتْ
بعرَضيٍّ مفارق ، إذ لو كان لازماً لم يخل عنه فردٌ ، فلازم النوع لازمٌ لجميع
أفراده.
وزاد بعضهم [٢] على هذه الأقسام الثلاثة قسماً رابعاً
، وهو : التميّزُ بالتمام
[١] والظاهر أنّ
القائل به هو فخر الدين الرازيّ في شرح عيون الحكمة ج ٣ ص ٧ وص ١٠٠ ، حيث قال : «انّ
الموجود في الأذهان هو أيضاً موجود في الأعيان ، لأنّ الموجود الذهنيّ صورةٌ
جزئيّة إدراكيّة موجودة في نفس شخصيّة معينة. وتعرّض لهذا القول قطب الدين
الراونديّ في رسالة «تحقيق الكلّيّات» ، على ما في حاشية شرح المطالع ص ٤٨.
[٢] وهو الشيخ
الإشراقيّ في حكمة الإشراق حيث قال : «وأمّا الفارق بين أشخاصها فليس
اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 95