اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 347
وربّما يظهر من بعضهم [١] الميل إلى قول آخر ، وهو : أنّ معنى
إثبات الصفات نفي ما يقابلها ، فمعنى إثبات الحياة والعلم والقدرة مثلا نفي الموت
والجهل والعجز.
ويظهر من بعضهم [٢] أنّ الصفات الذاتيّة عين الذات ، لكنّها
جميعاً بمعنى واحد والألفاظ مترادفة.
والحقّ
هو القول الأوّل[٣] ، وذلك لما تَحقَّقَ [٤] أنّ الواجب بالذات علّة تامّة ينتهي
إليه كلٌّ موجود ممكن بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط ، بمعنى أنّ الحقيقة الواجبيّة
هي العلّة بعينها ، وتَحقّقَ أيضاً [٥]
أنّ كلّ كمال وجوديّ في المعلول فعلّته في مقام علّيّته واجدة له بنحو أعلى وأشرف
، فللواجب بالذات كلّ كمال وجوديّ مفروض على أنّه وجودٌ صرْفٌ لا يخالطه عدم ، وتَحقَّقَ
[٦] أنّوجوده
صِرْفٌ بسيطٌ واحدٌ بالوحدة الحقّة ، فليس في ذاته تعدُّدُ جهة ولا تغايُرُ حيثيّة
، فكلّ كمال وجوديّ مفروض فيه عين ذاته وعين الكمال الآخر المفروض له ، فالصفات
الذاتية التي للواجب بالذات كثيرة مختلفة مفهوماً واحدة عيناً ومصداقاً ، وهو
المطلوب.
وقول بعضهم [٧] : «إنّ علّة الإيجاد هي إرادة الواجب
بالذات دون ذاته المتعالية» ، كلام لا محصّل له ، فإنّ الإرادة المذكورة عند هذا
القائل إن كانت صفةُ ذاتيّةُ هي عين الذات كان إسناد الإيجاد إليها عين إسناده إلى
الذات المتعالية ، فإسناده إليها ونفيه عن الذات تناقضٌ ظاهرٌ ، وإن كانت صفةً
فعليّةً منتزعةً من مقام الفعل كان الفعل متقدّماً عليها ، فكان إسناد إيجاد الفعل
إليها قولا بتقدّم المعلول
[١] وهو ضرار بن
عمرو. راجع مقالات الإسلامييّن ج ١ ص ٢٢٦ ، وج ٢ ص ١٥٩ ، والملل والنحل ج ١ ص ٩٠.
[٢] نَسَبه صدر
المتألّهين إلى كثير من العقلاء المدقّقين ، راجع الأسفار ج ٦ ص ١٤٥.