اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 24
إنسان وذاك فرس وذلك
شجر ونحو ذلك ، وتارةً بأنّ هذا بالفعل وذاك بالقوّة وهذا واحد وذاك كثير وهذا
حادث وذاك قديم وهذا ممكن وذاك واجب وهكذا.
وقد ثبت بما أوردناه في الفصل السابق [١] أنّ الكثرة من الجهة الأُولى ـ وهي
الكثرة الماهويّة ـ موجودةٌ في الخارج بعَرْضِ الوجود ، وأنّ الوجود متّصفٌ بها
بعَرْضِ الماهيّة ، لمكان أصالة الوجود وإعتباريّة الماهيّة.
وأمّا الكثرة من الجهة الثانية فهي التي
تعرض الوجود من جهة الإنقسامات الطارئة عليه نفسَه ، كإنقسامه إلى الواجب والممكن
وإلى الواحد والكثير وإلى ما بالفعل وما بالقوّة ونحو ذلك ، وقد تقدّم في الفصل
السابق [٢]
أنّ الوجود بسيط وأنّه لا غير له.
ويستنتج من ذلك أنّ هذه الكثرة مقوّمةٌ
للوجود ـ بمعنى أنّها فيه غير خارجة منه ـ ، وإلاّ كانت جزءاً منه ، ولا جزءَ
للوجود ، أو حقيقةً خارجةً منه ولا خارجَ من الوجود.
فللوجود كثرةٌ في نفسِهِ ، فهل هناك
جهةُ وحدة ترجع إليها هذه الكثرة من غير أن تبطل بالرجوع ، فتكون حقيقةُ الوجود
كثيرةً في عين أنّها واحدةٌ ، وواحدةً في عين أنّها كثيرةٌ؛ وبتعبير آخر : حقيقةً
مشكّكةً ذاتَ مراتب مختلفة يعود ما به الإمتياز في كلّ مرتبة إلى ما به الإشتراك ـ
كما نُسب إلى الفهلويّين [٣]
ـ ، أو لا جهةَ وحدة فيها ، فيعود الوجود حقائقَ متباينةً بتمام الذات ، يتميّز
كلّ منها من غيره بتمام ذاته البسيطة لا بالجزء ولا بأمر خارجيٍّ ـ كما نُسب إلى
المشّائين [٤]
ـ؟
الحقّ
أنّها حقيقةٌ واحدةٌ في عين أنّها كثيرةٌ [٥]
، لأنّا ننتزع من جميع مراتبها