والبرهان
عليه : أنّ وجودَ المعلول رابطٌ بالنسبة إلى
علّته لا يقوم إلاّ بعلّته ، والعلّة هو المستقلّ الذي يقوّمه كما تقدّم [٢].
وإذا كانت علّته معلولةً لثالث وهكذا ، كانت
غيرَ مستقلّة بالنسبة إلى ما فوقها ، فلو ذهبت السلسلة إلى غير النهاية ولم تنتهِ
إلى علّة غير معلولة تكون مستقلّةً غير رابطة ، لم يتحقّق شيء من أجزاء السلسلة ، لإستحالة
وجود الرابط إلاّ مع مستقلّ.
برهانٌ
آخر : وهو المعروف ببرهان الوسط والطرف ، أقامه
الشيخ في الشفاء ، حيث قال : «إذا فرضنا معلولا وفرضنا له علّةً ولعلّته علّةً ، فليس
يمكن أن يكون لكلِّ علّة علّةٌ بغير نهاية ، لأنّ المعلول وعلّته وعلّة علّته إذا
اعتبرت جملتها في القياس الذي لبعضها إلى بعض كانت علّةُ العلّة علّةً أولى مطلقة
للآخرين ، وكان للآخرين نسبة المعلوليّة إليها ، وإن اختلفا في أنّ أحدهما معلولٌ
بالواسطة والآخر معلولٌ بلا واسطة ، ولم يكونا كذلك لا الأخير ولا المتوسط ، لأنّ
المتوسط الذي هو العلّة المماسّة للمعلول علّةٌ لشيء واحد فقط والمعلول ليس علّةً
لشيء.
ولكلِّ واحد من الثلاثة خاصيّةٌ ، فكانت
خاصيّة الطرف المعلول أنّه ليس علّةً
[١] بخلاف التسلسل
في جانب المعلول ، وهو بأنّ الشيء علّة لآخر وهو لآخر وهكذا ، ولا ينتهي إلى معلول
غير علّة ، فإنّه ليس بمستحيل.