اسم الکتاب : نهاية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 202
ثمّ إنّ مجعولَ العلّة والأثر الذي تضعه
في المعلول هو إمّا وجود المعلول أو ماهيّته أو صيرورة ماهيّتِهِ موجودةً [١] ، لكن يستحيل أن يكون المجعول هو
الماهيّة لما تقدّم أنّها اعتباريّة [٢]
، والذي يستفيده المعلول من علّته أمرٌ أصيلٌ ،
قال الشيخ الرئيس في
رسالة الحدود : «إنّ العلّة هي كلّ ذات يلزم منه أن يكون وجود ذات اُخرى انّما هو
بالفعل من وجود هذا بالفعل ، ووجود هذا بالفعل من وجود ذلك بالفعل» ، راجع رسائل
ابن سينا ص ١١٧.
وقال في عيون الحكمة : «السبب
هو كلّ ما يتعلّق به وجود الشيء من غير أن يكون ذلك الشيء داخلا في وجوده أو
محقّقاً به وجوده». وناقش فيهما فخر الدين الرازيّ في شرح عيون الحكمة ج ٣ ص ٤٥.
وقال المحقّق الطوسيّ : «كلّ
شيء يصدر عنه أمرٌ إمّا بالاستقلال أو بالانضمام فانّه علّة لذلك الأمر والأمر
معلول له». راجع كشف المراد ص ١١٤. وأورد عليه القوشجيّ في شرحه للتجريد ص ١١٢ ، ثمّ
قال : «فالصواب أن يقال : العلّة ما يحتاج إليه أمرٌ في وجوده». ولهم في كتبهم
عبارات شتّى غير ما ذكر في تعريف العلّة والمعلول ، فراجع شرح المنظومة ص ١١٧ ، والأسفار
ج ٢ ص ١٢٧ ، وحكمة الإشراق ص ٦٢ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ١٥٢ ، وشرح المواقف ص ١٦٨.
الثالث : أنّ مجعولها صيرورة
ماهيّة المعلول موجودةً.
أمّا الأوّل ، فذهب إليه
الإشراقيّون. قال الشيخ الإشراقيّ : «ولمّا كان الوجود اعتباراً فللشيء من علّته
الفيّاضة هويّته» راجع شرح حكمة الإشراق ص ٤١٦. ونُسب هذا القول إلى المحقّق
الدوانيّ أيضاً ، فراجع الأسفار ج ١ ص ٤٠٧ ـ ٤٠٨.
وأمّا الثاني والثالث ، فذهب
إليهما الحكماء المشاء. قال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٥٨ : «لكن
محقّقوهم مشوا إلى جانب مجعولية الوجود ، وغيرهم إلى مجعولية الاتّصاف وصيرورة
الماهية موجودةً». وقال صدر المتألّهين في الأسفار ج ١ ص ٣٩٨ : «فجمهور المشائين
ذهبوا ـ كما هو المشهور ـ إلى أنّ الأثر الأوّل للجاعل هو الوجود المعلول. وفسّره
المتأخرون بالموجوديّة ، أي اتّصاف ماهية المعلول بالوجود بالمعنى الذي ذكرناه ، لا
أنّ الأثر الأوّل هو ماهيّة الاتّصاف أو ذات المعلول أو نفس الوجود ، لاستغناء
الماهيات بحقائقها التصوّرية عندهم من الجاعل».