اسم الکتاب : بداية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 23
الفصل الحادي
عشر
في أن المعدوم
المطلق لا خبر عنه
ويتبين ذلك بما تقدم [١] ، أنه بطلان محض لا شيئية له بوجه ، وإنما
يخبر عن شيء بشيء.
وأما الشبهة بأن قولهم ، المعدوم المطلق
لا يخبر عنه يناقض نفسه ، فإنه بعينه إخبار عنه بعدم الإخبار فهي مندفعة ، بما
سيجيء في مباحث الوحدة والكثرة [٢]
، من أن من الحمل ما هو أولي ذاتي ، يتحد فيه الموضوع والمحمول مفهوما ، ويختلفان
اعتبارا ، كقولنا الإنسان إنسان ، ومنه ما هو شائع صناعي ، يتحدان فيه وجودا ويختلفان
مفهوما ، كقولنا الإنسان ضاحك ، والمعدوم المطلق ، معدوم مطلق بالحمل الأولي ولا
يخبر عنه ، وليس بمعدوم مطلق بل موجود من الموجودات الذهنية ، بالحمل الشائع ، ولذا
يخبر عنه بعدم الإخبار عنه فلا تناقض.
وبهذا التقريب يندفع الشبهة ، عن عدة
قضايا توهم التناقض ، كقولنا الجزئي جزئي وهو بعينه كلي يصدق على كثيرين ، وقولنا
شريك الباري ممتنع مع أنه معقول في الذهن ، فيكون موجودا فيه ممكنا ، وقولنا الشيء
إما ثابت في الذهن أو لا ثابت فيه ، واللا ثابت في الذهن ثابت فيه لأنه معقول.