اسم الکتاب : بداية الحكمة المؤلف : العلامة الطباطبائي الجزء : 1 صفحة : 176
من غير دليل ، بل
لكل نوع مثال كلي يدبر أمره ، وليس معنى كليته جواز صدقه على كثيرين ، بل إنه
لتجرده تستوي نسبته إلى جميع الأفراد.
وفيه أن الأفعال والآثار ، المترتبة على
كل نوع مستندة إلى صورته النوعية ، ولو لا ذلك لم تتحقق نوعية لنوع ، فالأعراض
المختصة بكل نوع ، هي الحجة على أن هناك صورة جوهرية ، هي المبدأ القريب لها ، كما
أن الأعراض المشتركة ، دليل على أن هناك موضوعا مشتركا.
ففاعل النظام الجاري في النوع هو صورته
النوعية ، وفاعل الصورة النوعية كما تقدم [١]
، جوهر مجرد يفيضها على المادة المستعدة ، فتختلف الصور باختلاف الاستعدادات ، وإما
أن هذا الجوهر المجرد ، عقل عرضي يخص النوع ويوجده ويدبر أمره ، أو أنه جوهر عقلي
من العقول الطولية ، إليه ينتهي أمر عامة الأنواع ، فليست تكفي في إثباته هذه
الحجة.
ومنها الاحتجاج على إثباتها ، بقاعدة
إمكان الأشرف ، فإن الممكن الأخس إذا وجد ، وجب أن يوجد الممكن الأشرف قبله ، وهي
قاعدة مبرهن عليها ، ولا ريب في أن الإنسان المجرد ، الذي هو بالفعل في جميع
الكمالات الإنسانية مثلا ، أشرف وجودا من الإنسان المادي ، الذي هو بالقوة في معظم
كمالاته ، فوجود الإنسان المادي ، الذي في هذا العالم دليل على وجود مثاله العقلي
، الذي هو رب نوعه.
وفيه أن جريان قاعدة إمكان الأشرف ، مشروط
بكون الأشرف والأخس ، مشتركين في الماهية النوعية ، حتى يدل وجود الأخس في الخارج
، على إمكان الأشرف بحسب ماهيته ، ومجرد صدق مفهوم على شيء ، لا يستلزم كون
المصداق فردا نوعيا له ، كما أن صدق مفهوم العلم على العلم الحضوري ، لا يستلزم
كونه كيفا نفسانيا ، فمن الجائز أن يكون مصداق مفهوم الإنسان الكلي ،