اسم الکتاب : مناهج اليقين في أصول الدين المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 334
و مع ذلك فقد استدل
المعتزلة على أنه تعالى غير مرئي بوجوه:
الأول: أنه لو كان مرئيا لكان مقابلا و لو كان مقابلا لكان في جهة، و
المقدمتان ضروريتان، و التالي باطل فالمقدم مثله.
الثاني: أنه لو كان مرئيا لوجب ان نراه الآن و التالي باطل فالمقدم مثله،
بيان الشرطية أن شرائط الإدراك قد بينا أنها متى حصلت وجب و هي هاهنا أمران:
سلامة الحاسة و كون المرئي
بحيث تصح رؤيته، و الأول حاصل، فلو كان الثاني حاصلا أيضا لزم المطلوب.
الثالث: قاسوا الرؤية على السمع، و طريقه أنا لا نسمع الا الصوت و لما لم
يكن الباري تعالى صوتا حكمنا بكونه ليس بمسموع، و لذلك[1] نعلم قطعا أن المرئي ليس إلا الأجسام و الأضواء و الحركات و السكنات
و الاجتماع و الافتراق، فلو كان اللّه تعالى مرئيا لوجب أن يكون من جنس هذه، و هذه
الحجة ضعيفة و فيها حوالة على الأولى.
الرابع: كلما أدرك بحاسة واحدة فهو لا يخلو عن التماثل و التضاد أنظر الى
السوادين و الى أحدهما مع البياض، فلو كان اللّه تعالى مرئيا لكان إما مثلا أو
مضادا لغيره و التالي بقسميه باطل فالمقدم كذلك. و هذه أيضا ضعيفة.
الخامس: قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ[2] تمدّح بالنفي، لأن ما قبله و ما بعده
تمدح، و إدخال ما ليس بتمدّح خلال تمدحين ركيك جدّا، فلو صح عليه الرؤية لبطل هذا
التمدح.
السادس: قوله تعالى لموسى: لَنْ تَرانِي[3] و هي نافية للأبد فوجب أن