اسم الکتاب : مناهج اليقين في أصول الدين المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 283
فيجب في الغائب كذلك مع
اعترافكم ببطلانه.
الثالث: لم قلتم إن كل حي إذا لم يوصف بما يصح اتصافه به وجب اتصافه بضده؟
فإن الهواء خال عن الألوان و الطعوم، اللهم إلا إذا جعلوا الضد عبارة عن عدم
الصفة، فحينئذ يجب عليهم بيان استحالة اتصافه تعالى بعدم السمع و البصر الذي هو
المطلوب.
الرابع: سلمنا أن كل حي إذا لم يتصف بالصفة الصحيحة فإنه يتصف بضدها
الوجودي، لكن على تقدير وجود ضد لتلك الصفة، فلم قلتم إن مقابلة السمع و البصر
للصمم[1] و العمى تقابل الضدية. و جماعة من
العقلاء يجعلون التقابل بينهما تقابل العدم و الملكة.
الخامس: لم قلتم أن النقائص على اللّه تعالى محال؟ فإن عوّلتم في ذلك على
الدليل العقلي فأبرزوه، و إن عولتم على الإجماع الذي دلالته مستفادة من السمع
فالتزموا في إثبات المطلوب بالسمع من غير أن تدخلوا في مثل هذه الظلمات.
مسألة: مذهب أبي هاشم و أصحابه أن معنى كونه مدركا أنه لا يستحيل أن يدرك
المدرك إذا وجدوا لذلك يوصف اللّه تعالى في الأزل بأنه سميع بصير و جعل الإدراك
أمرا زائدا على العلم، و البغداديون فسروه بأنه تعالى عالم بما يسمعه الأحياء منا
و ما يبصره و نفوا الزائد على ذلك.
و احتج الأولون بأن الواحد
منا إدراكه زائد على علمه، و قد سلف، فيجب أن يكون الباري كذلك، لأن المقتضي لكون
الإدراك فينا زائدا على العلم موجود للّه تعالى.
بيانه إن الإدراك يتوقف
على كون المدرك حيا، و على صحة حواسه، و على ارتفاع الموانع و على انتفاء الآفات،
و على وجود المدرك، ثم يجعلون العلة في