انما قال هؤلاء بصحة طاعة
لا يراد اللّه تعالى بها، كما ذهب إليه ابو الهذيل و اتباعه من القدرية. و قال/
اصحابنا ان ذلك لا يصح الا في طاعة واحدة (و هؤلاء)[1] و هو الاستدلال على معرفة اللّه تعالى. فان الجاهل به مأمور بذلك، و
استدلاله عليه طاعة منه للّه تعالى، لانه امره به قبل معرفته بانه مأمور به، فاذا
عرف اللّه تعالى لم يصح منه بعد ذلك طاعة اللّه تعالى الا اذا قصد بها التقرب
إليه.
فهذه اصناف الخوارج المكفر
بعضهم لبعض، و لأقوام مجهولين منهم بدع منها: قول قوم من الاباضية لا حجة للّه
تعالى على الخلق في التوحيد الا بالخبر، و ما يقوم مقام الخبر[2] من اشارة.
و منها قول قوم منهم ان من
دخل في دين الاسلام وجبت عليه الشرائع و الاحكام، وقف عليها او لم يقف.
و منها قول بعضهم: من ورد
عليه الخبر بتحريم الخمر او بتحويل القبلة فعليه ان يعلم ان الذي اخبره مؤمن او
كافر، و عليه ان/ يعلم ذلك بالخبر، و ليس عليه ان يعلم ان ذلك عليه بالخبر.
و منها قول بعضهم: ليس على
الناس المشي الى الصلاة، و لا الركوب للحج، و لا شيء من اسباب الطاعات و انما
عليهم فعل الطاعات باعيانها.
و منها قول جمهورهم ان
العالم يفنى كله اذا افنى اللّه تعالى اهل التكليف، لانه انما خلقه لهم، فلا معنى
لبقائه بعدهم.
و منها قول الاباضية بجواز
امر اللّه تعالى (عنده) بحكمين متضادين في شيء واحد، و قالوا ان ذلك كمن دخل زرعا
لغيره، فهو مأمور بالخروج منه، و منهي عنه، لان في خروجه افساد زرع غيره.