اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 5 صفحة : 4
من العبادات أنواره، و هو العاصي المتمرّد
على اللّه و إنّما السّاري على الأعضاء من الفواحش آثاره، و باظلامه و استنارته
تظهر محاسن الظّاهر و مساويه إذ كلّ إناء يترشّح بما فيه، و هو الّذي إذا عرفه
الإنسان فقد عرف نفسه، و إذا عرف نفسه فقد عرف ربّه، و هو الّذي إذا جهله الإنسان
فقد جهل نفسه، و إذا جهل نفسه فقد جهل ربّه، و من جهل بقلبه فهو بغيره أجهل، و
أكثر الخلق جاهلون بقلوبهم و أنفسهم و قد حيل بينهم و بين أنفسهم فإنّ اللّه يحول
بين المرء و قلبه، و حيلولته بأن لا يوفّقه لمشاهدته و مراقبته، و معرفة صفاته، و
كيفيّة تقلّبه بين إصبعين من أصابع الرّحمن و إنّه كيف يهوي مرّة إلى أسفل سافلين
و ينخفض إلى أفق الشّياطين و كيف يرتفع أخرى إلى أعلى علّيّين و يرتقي إلى عالم
الملائكة المقرّبين و من لم يعرف قلبه ليراقبه و يراعيه و يترصّد ما يلوح من خزائن
الملكوت عليه و فيه فهو ممّن قال اللّه تعالى فيه: وَ لا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ
الْفاسِقُونَ[1].
فمعرفة القلب و حقيقة أوصافه أصل الدّين و
أساس طريق السّالكين.
و إذ قد فرغنا في الشطر الأوّل من هذا
الكتاب عن النّظر فيما يجري على الجوارح من العبادات و العادات و هو العلم الظّاهر
و وعدنا أن نشرح في الشّطر الثاني ما يجري على القلوب من الصّفات المهلكات و
المنجيات و هو العلم الباطن فلا بدّ و أن نقدّم عليه كتابين كتابا في شرح عجائب
صفات القلب و أخلاقه، و كتابا في كيفية رياضة القلب و تهذيب أخلاقه، ثمّ نندفع بعد
ذلك في تفصيل المهلكات و المنجيات.
فنذكر الآن من ذكر شرح عجائب القلب بطريق
ضرب الأمثال ما يقرب من الأفهام فإنّ التصريح بعجائبه و أخلاقه و أسراره الدّاخلة
في جملة عالم الملكوت ممّا يكلّ عن دركه أكثر الأفهام- و باللّه التوفيق-.
بيان معنى النفس و الروح و العقل و القلب و
ما هو المراد بهذه الاسامى
اعلم أنّ هذه أربعة أسامي تستعمل في هذه
الأبواب و يقل في فحول العلماء من يحيط بمعرفة هذه الأسامي و اختلاف معانيها و
حدود مسمّياتها و أكثر الأغاليط