اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 5 صفحة : 154
الدّواء انتفع به و إن لم يعرف عين المنفعة
و علّتها و وجه كونه نافعا و لكنّا نشرح لك ذلك إن أردت أن ترتقى من درجة الايمان
إلى درجة العلم قال اللّه تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ[1] فنقول:
في الجوع عشر فوائد:
الأولى صفاء القلب، و إيقاد القريحة، و
إنفاذ البصيرة،
فإنّ الشبع يورث البلادة، و يعمي القلب و يكثر
البخار في الدّماغ كشبه السكر حتّى يحتوي على معادن الفكر فيثقل القلب بسببه عن
الجريان في الأفكار فيحرمه عن سرعة الإدراك بل الصبيّ إذا أكثر الأكل بطل حفظه و
فسد ذهنه و صار بطيء الفهم و الإدراك، قال أبو سليمان. عليك بالجوع فإنّه مذلّة
للنفس، و رقّة للقلب، و يورث العلم السّماوي.
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أحيوا
قلوبكم بقلّة الضحك و الشبع، و طهّروها بالجوع تصفو و ترق»[2].
و يقال: مثل الجوع مثل الرّعد، و القناعة
كالسحاب، و الحكمة كالمطر.
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من
أجاع بطنه عظمت فكرته و فطن قلبه».
و قال ابن عبّاس: قال النبيّ صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «من شبع و نام قسا قلبه، ثمّ قال: إنّ لكلّ شيء زكاة و زكاة
البدن الجوع»[3].
و قال الشبلي: ما جعت للَّه يوما إلّا رأيت
في قلبي بابا مفتوحا من الحكمة و العبرة ما رأيته قطّ، و ليس يخفى أنّ غاية
المقصود من العبادات الفكر الموصل إلى المعرفة و الاستبصار بحقائق الحقّ، و الشبع
يمنع منه و الجوع يفتح بابه، و المعرفة باب من أبواب الجنّة، فبالحريّ أن يكون
ملازمة الجوع قرعا لباب الجنّة و لهذا قال لقمان لابنه: يا بنيّ إذا امتلأت المعدة
نامت الفكرة، و خرست الحكمة، و قعدت