اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 3 صفحة : 3
الجزء الثّالث
[ربع العادات]
كتاب آداب الأكل
(1) و هو الكتاب الأوّل من ربع العادات من
المحجّة البيضاء في تهذيب الإحياء بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للَّه
الّذي أحسن تدبير الكائنات فخلق الأرض و السماوات، و أنزل الماء الفرات من
المعصرات فأنشأ الحبّ و النّبات، و قدّر الأرزاق و الأقوات، و حفظ بالمأكولات قوى
الحيوانات، و أعان على الطاعات و الأعمال الصالحات بأكل الطيّبات.
و الصلاة على محمّد ذي المعجزات الباهرات، و
على آله و أصحابه صلاة تتوالى على ممرّ الأوقات، و تتضاعف بتعاقب الساعات، و سلّم
تسليما كثيرا.
أما بعد فإنّ مقصد ذوي الألباب لقاء اللّه
سبحانه بدار الثواب، و لا طريق للوصول إلى اللّقاء إلّا بالعلم و العمل و لا تمكن
المواظبة عليهما إلّا بسلامة البدن و لا تصفوا سلامة البدن إلّا بالأطعمة و
الأقوات و التناول منها بقدر الحاجة على تكرّر الأوقات، فمن هذا الوجه قال بعض
السلف الصالحين: إنّ الأكل من الدّين و عليه نبّه ربّ العالمين بقوله- و هو أصدق
القائلين-: «كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً»[1]فمن
يقدم على الأكل ليستعين به على العلم و العمل و يقوى به على التقوى فلا ينبغي أن
يترك نفسه مهملا سدى، يسترسل بالأكل استرسال البهائم في المرعى، فإنّ ما هو ذريعة
إلى الدّين و وسيلة إليه ينبغي أن تظهر أنوار الدّين عليه و إنّما أنوار الدّين
آدابه و سننه الّتي يزم العبد بزمامها و يلجم المتّقيّ بلجامها، حتّى يتّزن بميزان
الشرع شهوة الطعام في إقدامها و إحجامها، فيصير