اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 2 صفحة : 92
أي لا يلحّون في سؤال
لأنّهم أغنياء بيقينهم، أعزّة بصبرهم و هذا ينبغي أن يطلب بالتفحّص عن أهل الدين
في كلّ محلّة و يستكشف عن بواطن أحوال أهل الخير و التجمّل فثواب صرف المعروف
إليهم أضعاف ما يصرف إلى المجاهرين بالسؤال.
الصفة الخامسة أن يكون
معيلا
أو محبوسا بمرض أو سبب
من الأسباب فيوجد فيه معنى قوله تعالى: «لِلْفُقَراءِ
الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ»[1] أي حبسوا في طريق الآخرة لعيلة أو ضيق معيشة و إصلاح قلب لا
يستطيعون ضربا في الأرض لأنّهم مقصوصو الجناح، مقيّدو الأطراف بهذه الأسباب و كان
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعطي العطاء على قدر العيلة.
الصفة السادسة أن يكون
من الأقارب و ذوي الأرحام
فتكون صدقة و صلة، و في
صلة الرحم من الثواب ما لا يخفى و الأصدقاء و إخوان الخير أيضا يتقدّمون على
المعارف كما يتقدّم الأقارب على الأجانب، قال عليّ عليه السّلام: «لئن أصل أخا من
إخواني بدرهم أحبّ إليّ من أن أتصدّق بعشرين درهما، و لئن أصله بعشرين درهما أحبّ
إليّ من أن أتصدّق بمائة درهم و لئن أصله بمائة درهم أحبّ إليّ من أن أعتق رقبة»[2].
فليراع هذه الدقائق فهذه
هي الصفات المطلوبة و في كلّ صفة درجات فينبغي أن يطلب أعلاها فإن وجد من جمع جملة
من هذه الصفات فهي الذخيرة الكبرى و الغنيمة العظمى و مهما اجتهد في ذلك و أصاب
فله أجران و إن أخطأ فله أجر واحد فإنّ أحد أجريه في الحال تطهير [ه] نفسه عن صفة
البخل و تأكيده حبّ اللّه في قلبه و اجتهاده في طاعته و هذه الصفات هي الّتي تقوي
في قلبه فتشوّقه إلى لقاء اللّه، و الأجر الثاني ما يعود إليه من فائدة دعوة الآخذ
و همّته فإنّ قلوب الأبرار لها آثار في الحال و المآل، فإن أصاب حصل الأجران و إن
أخطأ حصل الأوّل دون الثاني، فهذا معنى تضاعف أجر المصيب في الاجتهاد هاهنا و في
سائر المواضع و اللّه أعلم».
(1) أقول: ما ذكره أبو
حامد من الصفات للمستحقّ و الاجتهاد فيها إنّما يعتبر في مستحقّ البرّ و الصلة دون
مستحقّ الزكاة و الصدقة، دليل ذلك ما رواه مولانا العسكري عليه السّلام