اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 2 صفحة : 400
و في الأخبار عن اللّه
تعالى «أي عبدي أنا اللّه الّذي اقتربت لقلبك و بالغيب رأيت نوري».
و شكا بعض المريدين إلى
أستاذه طول سهر اللّيل و طلب حيلة يجتلب بها النوم، فقال أستاذه: يا بنيّ إنّ
للَّه نفحات في اللّيل و النهار تصيب القلوب المتيقّظة و تخطئ القلوب النائمة فتعرّض
لتلك النفحات، فقال: يا أستاذ تركتني لا أنام باللّيل و لا بالنهار.
و اعلم أنّ هذه النفحات
باللّيل أرجى لما في قيام اللّيل من صفاء القلب و اندفاع الشواغل.
و في الخبر الصحيح عن
جابر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «إنّ من اللّيل ساعة
لا يوافيها عبد مسلم يسأل اللّه خيرا إلّا أعطاه إيّاه»[1].
و في رواية أخرى «يسأل
اللّه خيرا من أمر الدّنيا و الآخرة إلّا أعطاه إيّاه و ذلك كلّ ليلة»[2].
و مطلوب القائمين تلك
الساعة و هي مبهمة في جملة اللّيل كليلة القدر في شهر رمضان و كساعة يوم الجمعة و
هي ساعة النفحات المذكورة».
(1) أقول: بل هي معلومة
لنا بحمد اللّه تعالى بتعليم علماء أهل البيت- صلوات اللّه و تسليماته عليهم-
إيّانا و هي السدس الرابع من اللّيل كما مرّ ذكره في أخبارهم عليهم السّلام و لكنّ
العامّة عن بركة أمثالها لمعزولون.
(بيان طرق القسمة
لاجزاء الليل)
اعلم أنّ إحياء اللّيل
من حيث المقدار له سبع مراتب:
المرتبة الأولى إحياء
كلّ اللّيل و هذا شأن الأقوياء الّذين تجرّدوا لعبادة اللّه تعالى و تلذّذوا
بمناجاته و صار ذلك غذاء لهم و حياة لقلوبهم، فلم يتعبوا بطول القيام و ردّوا المنام
إلى النّهار في وقت اشتغال الناس، و قد كان ذلك طريق جماعة من السلف كانوا يصلّون
الصبح بوضوء العشاء.
حكى أبو طالب المكّيّ
أنّ ذلك حكي على سبيل الاشتهار عن أربعين من التّابعين