اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 2 صفحة : 190
يمنع فضيلة الحجّ و
يخرجه عن حيّز حجّ الخصوص لا سيّما إذا كان متّجرا بنفس الحجّ بأن يحجّ لغيره
باجرة فيطلب الدّنيا بعمل الآخرة و قد كره الورعون و أرباب القلوب ذلك إلّا أن
يكون قصده المقام بمكّة و لم يكن له ما يبلغه».
(1) أقول: أو يكون قصده
نفس الحجّ و لم يكن ممّن قد حجّ و لم يكن له ما يبلغه قطّ.
قال:[1]فلا بأس أن
يأخذ على هذا القصد، لا ليتوصّل بالدين إلى الدنيا، بل بالدنيا إلى الدين، و عند
ذلك ينبغي أن يكون قصده زيارة بيت اللّه، و معاونة أخيه المسلم بإسقاط الفرض عنه،
و في مثله قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «يدخل اللّه تعالى بالحجّة الواحدة
ثلاثة الجنّة: الموصي بها، و المنفذ لها، و من حجّ بها عن أخيه»[1] و لست أقول: لا تحلّ الأجرة أو يحرم
عليه ذلك بعد أن أسقط فرض الإسلام عن نفسه، و لكنّ الأولى أن لا يفعل و لا يتّخذ
ذلك مكسبه و متجره فإنّ اللّه يعطي الدنيا بالدين و لا يعطي الدين بالدنيا، و في
الخبر «مثل الّذي يغزو في سبيل اللّه و يأخذ أجرا مثل أمّ موسى ترضع ولدها و تأخذ
أجرها»[2]فمن كان مثاله في أخذ الأجرة على الحجّ مثال أمّ موسى فلا بأس بأخذه
فإنّه يأخذ ليتمكّن من الحجّ و الزيارة و ليس يحجّ ليأخذ الأجرة كما كانت تأخذ
ليتيسّر بها الإرضاع بتلبيس حالها عليهم.
الثاني: أن لا يعاون
أعداء اللّه بتسليم المكس[3]إليهم
و هم الصادّون عن المسجد
الحرام من أمراء مكّة و الأعراب المترصّدين في الطرق فإنّ تسليم المال إليهم إعانة
على الظلم و تيسير لأسبابه عليهم فهو كالإعانة بالنفس فليتلطّف في حيلة الخلاص فإن
لم يقدر فقد قال بعض العلماء- و لا بأس بما قاله-: إنّ ترك التنفّل بالحجّ و
الرجوع عن الطريق أفضل من إعانة الظلمة فإنّ هذه بدعة أحدثت، و في الانقياد لها ما
يجعلها