اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 0 صفحة : 4
سبيلا، حتّى يولّي وجهه
شطر الحقيقة، و ينحو نحوها، و لا تقرب عليه الخطوة، بل تقع منه في مرمى سحيق، و
يخاف عليه الوبال، و هو منقاد بأهوائه و ميوله و شهواته السائدة، يخلق له الجهل
ماهيّة مزعومة تجاه الحقيقة الراهنة، و يزحزحه عن مناهج السعد، و لا يرمي برأيه
الشواكل، و لا يصيب وجوه الصواب، و هو يحسب أنّه يحسن صنعا، فينهمك في غمرة
الشقاء، و تستعبده نفسه طيلة حياته إلى آخر نفس لفظه.
و العلم يهدي إلى الحقّ، و
يعبّد طريق الصدق، و يتوطّد أصول السعد، و يدلّ على الصراط الواضح، و يدعو إلى
المحجّة البيضاء، و يحدو إلى المنهج القويم، و يقود إلى جدد الصّدق و العدل، و يرى
الناسك خاتمة الأمور ناصعة الجبين، سافرة الوجه، واضحة المعالم.
و الطريق الوحيد إلى
السعادة مع الخلود هو ما مهّده النبيّ الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لأمّته
و عبّده بوصيّته المتعاقبة المكرّرة حينا بعد حين، و آونة بعد أخرى من استخلافه
كتاب اللّه و عترته أهل بيته، و لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض. فمن اتّبعهما فقد
اهتدى و أدرك رشده، و من حاد عنهما فقد ضلّ و هلك.
و هذا هو الباب المفتوح
بمصراعيه الّذي منه يؤتى، ليس إلّا. و هذا هو باب مدينة العلم فحسب. فمن أراد
المدينة فليأت الباب. فهنالك الحقيقة و الطريقة و الحكمة و الفقه و العرفان و
الرواية و الدراية و العلم و الأدب و الفضيلة. و قد صدّق الخبر الخبر،
خبر أنا مدينة العلم و عليّ بابها
، أنا دار الحكمة و عليّ
بابها، أنا دار العلم و عليّ بابها، أنا مدينة الفقه و عليّ بابها، أنا ميزان
العلم و عليّ كفّتاه، أنا ميزان الحكمة و عليّ لسانه، عليّ باب علمي، و مبيّن
لأمّتي ما أرسلت به من بعدي، إلى أمثالها الكثير الطيّب.
و حرصا على صلاح الملإ
الدّيني، و رغبة في الصالح العام، و شرها في نجح الأمّة و تسييرها إلى ما يحمد عقباه
كان مولانا أمير
المؤمنين عليه السّلام يعرب عن بعض ما أوتي به أهل بيته الطاهر و لم يؤت به أحد من
العالمين بقوله: نعم: آل محمّد هم عيش العلم، و موت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم،
و ظاهرهم عن باطنهم، و صمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحقّ، و لا يختلفون فيه،
هم دعائم
اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 0 صفحة : 4